تساهم المملكة بجهود دولية فعّالة في معالجة آثار أزمة التغير المناخي، التي باتت تهدد سلامة كوكب الأرض، وتخلّ بأنظمته الطبيعية؛ مما ينعكس سلبًا على حياة البشر، ويتسبب في كوارث عديدة كالجفاف والتصحر، والفيضانات المدمرة، وحرائق الغابات، وارتفاع معدلات الجوع عبر العالم، ومن بين هذه الجهود الدولية طرح المملكة لمفهوم الاقتصاد الدائري للكربون، وهو مبادرة سعودية طرحتها المملكة على دول العالم في 30 أكتوبر 2019م، بإعلان وزير الطاقة الأمير عبد العزيز بن سلمان عنها خلال منتدى مبادرة مستقبل الاستثمار، الذي عُقد في الرياض.
واتساقًا مع قناعة المملكة بجدوى مفهوم الاقتصاد الدائري للكربون في تحقيق نتائج مؤثرة في معالجة التغير المناخي، فقد أطلقته خلال رئاستها لمجموعة العشرين عام 2020، وقد وافقت المجموعة عليه وأدرجته ضمن البيان الختامي لقمة القادة، ولم تكتفِ المملكة بطرح مبادرة الاقتصاد الدائري للكربون، ولكنها أدخلتها حيز التنفيذ، وتؤكد المؤشرات تعويل المملكة عليها في إطار جهودها لمعالجة ظاهرة التغير المناخي في نطاق أراضيها؛ إذ أعلن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان خلال كلمته في منتدى مبادرة السعودية الخضراء، الذي عُقد في الرياض في أكتوبر 2021؛ أن المملكة تستهدف الوصول للحياد الصفري في عام 2060 من خلال نهج الاقتصاد الدائري الكربوني.
ويقوم مفهوم الاقتصاد الدائري للكربون على "تبنّي نموذج تدويري يركز على الحد من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، وإعادة استخدامها وتدويرها وإزالتها من البيئة، خلافًا لنموذج اقتصاد الكربون الخطي الذي يعتمد على استخدام المواد ثم التخلص منها"، بحسب شرح شركة أرامكو للمفهوم، ويرتكز تطبيق الاقتصاد الدائري للكربون كطريقة مستدامة اقتصاديًّا لإدارة الانبعاثات على أربعة مرتكزات هي: التخفيض، وإعادة الاستخدام، والتدوير، الإزالة، وفي إطار اهتمام المملكة بمعالجة التغير المناخي فقد وقعت اتفاقية شراكة في مجالات الطاقة النظيفة مع الولايات المتحدة خلال زيارة الرئيس جو بايدن الحالية للمملكة.
ومن الإسهامات السعودية المميزة والمبكرة في مجال تطبيق الاقتصاد الدائري للكربون: إسهام شركة سابك التي تعد من أولى شركات الكيماويات العالمية المطبقة لمفهومه، فقد استثمرت "سابك" في إنشاء أكبر مصنع في العالم لإعادة استخدام الكربون في تصنيع منتجات ذات قيمة عالية، المشيّد في شركة المتحدة التابعة لها في مدينة الجبيل الصناعية، وقد افتتح المصنع عام 2015م بإنتاجية تقدر بـ500 ألف طن متري من ثاني أكسيد الكربون سنويًّا، ويعاد ضخ الغاز بعد تنقيته عبر شبكة أنابيب لاستخدامه في قطاعات الزراعة والكيماويات والأغذية والمشروبات والصناعات الطبية، ومن واقع النتائج اللافتة لتجربة المملكة في تطبيق الاقتصاد الدائري للكربون، فإنه يعد أحد الحلول العملية الناجعة والعادلة أيضًا، التي تساهم بها المملكة دوليًّا في معالجة التغير المناخي.