صدرت موافقة مجلس الوزراء برئاسة خادم الحرمين الشريفين، حفظه الله، بإضافة فقرة تحمل الرقم "٣" إلى المادة "٧١" من لائحة نظام الإجراءات الجزائية، الصادرة بقرار مجلس الوزراء رقم 142 .
وبذلك يكون هذا التعديل بداية التصحيح في هذا الملف فالمحقق يعمل في اختصاصه باستجواب المعتدي وتسجيل اعترافه، والأخصائيين في مجالهم بعد أن أصبحت قضايا التعنيف حديث السعوديين في شبكات التواصل واستغلت دولياً فخرجت عن مسارها الإنساني والقضائي والعائلي وسط مطالبات من المختصين والمهتمين بضرورة إيجاد قوانين واضحة تحفظ حق الضحية المعنّفة.
غير أن هذا التعديل ليس أول قرارات تطوير وتدعيم المنظومة العدلية والجزائية في السعودية ففي العهد الحالي صدرت الكثير من الأنظمة التي أعطت النيابة العامة الاستقلالية التامة لكونها الجهة التي تباشر التحقيق في القضايا الجنائية وقضايا الفساد والتزوير وغيرها مستندة على نظام الإجراءات الجزائية الذي أُقرّ عام ١٤٣٦ ويُحدث بشكل مستمر للارتقاء بالمرفق العدلي والقضائي.
ومؤخراً أُقرت الأنظمة والتعليمات للحد من مظاهر التعنيف وعدم التسلط على النساء فصدر قانون الحماية من الإيذاء عام ١٤٣٤هـ وعرّف الإيذاء بأنه أي شكل من أشكال الاستغلال أو الاعتداء الجسدي والنفسي أو الجنسي أو التهديد به وأوكل مهمة العمل بهذا النظام لوحدة الحماية الاجتماعية بوزارة الشؤون الاجتماعية سابقاً "العمل والشؤون الاجتماعية".
وأوكلت المادة الرابعة من النظام مهمة التحقيق للشرطة وفق اختصاصها وإحالة القضية لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية -جهة الضبط- لمثل هذه القضايا، كما دعمت الدولة النيابة العامة "هيئة التحقيق والادعاء العام" بعد فصلها عن الداخلية ومراجعتها الملك وأعطتها القوة القانونية والنظامية فأسندت لها كثير من القضايا ودشنت دوائر للفساد ومؤخراً أسندت لها التحقيق في القضايا الجمركية.
كما تحرّكت النيابة العامة في إطار اختصاصها لتطويق التعنيف وتفعيل الأنظمة التي تحد منه فأبرمت مع وزارة العمل والتنمية الاجتماعية اتفاقية للتنسيق المستمر بينهما؛ للتصدي للعنف الأسري وتفعيل نظام الحماية الاجتماعية، وذلك عبر دعم إنشاء وحدات الصلح الجنائي في القضايا الأسرية وقضايا الأحداث في النيابة العامة وكافة فروعها ودوائرها في المملكة والتنسيق بين هذه الوحدات كما دشّنت النيابة العامة دوائر متخصصة للقضايا الأسرية.
ويأتي التعديل الذي أقرّه مجلس الوزراء اليوم برئاسة الملك بتواجد أخصائي نفسي أو اجتماعي نقطة تحول في مباشرة مثل هذه القضايا التي أصبحت أمراً جدلياً وقضية متجددة تُطل برأسها بين حين وآخر وأصبح أمراً مقلقاً للجهات المعنية رغم ما حققته السعودية من قفزات وقرارات لصالح النساء ومن أبرزها تخليص معاملاتها دون موافقة ولي الأمر وتوقيع العمليات الجراحية دون موافقة الولي.
ويمثل تواجد الأخصائي النفسي أو الاجتماعي لبحث أبعاد قضية التعنيف من جوانب اجتماعية وبحث محيط الأسرة ومدى استقرارها وعدم تفككها وكذلك بتواجد الأخصائي النفسي يتم تشخيص حالة المعتدي نفسياً والتأكد من سلامته من أي أعراض نفسية لما لها من أثر على مجريات التحقيق وتحديد مصير الضحية حتى لا تعود للمُعنف الأمر الذي قد يهدد حياتها.
ومن جانبها قالت الأخصائية الاجتماعية لطيفة حميد: "العنف الأسري قضية شائكة ومتفرعة نتج عنه مشاكل عدة وتولد عنه قضايا مختلفة ويحتاج إلى تضافر جهود عدة للتصدي له حتى يلد جيل جديد مثقف واعٍ خالٍ من هذه العاهات النفسية".
وتابعت: "وصدور القرار السامي من مجلس الوزراء في إدراج الأخصائي الاجتماعي لسماع أقوال المتهم في قضايا العنف قرار صائب ورأي حكيم لأن وجود الأخصائي الاجتماعي عند استماع الأقوال له دور كبير في كشف دوافع وأسباب وحقائق مبهمة بحكم تخصصه في أمور الفرد والأسرة" .