"لقد عملت بجد.. وأستحق أن أحصل على راتبي".. كانت تلك الكلمات السابقة بمثابة لسان حال العمال الذين يعملون في منشآت كأس العالم في قطر بعد أن توقفت رواتبهم، وعجزت الدولة عن الوفاء بالتزاماتها تجاههم، واتخاذ إجراءات من شأنها المساعدة في حصولهم على حقوقهم، وتقاضيهم رواتبهم.
ووثقت منظمة العفو الدولية في تحقيق لها قضية حوالي 100 عامل وافد يعملون لدى شركة قطر للحديد المجلفن، وهي شركة تصميم وإنشاءات متعاقدة فرعياً للقيام بأعمال الواجهة في إستاد البيت الذي تبلغ تكلفته 770 مليون يورو، وهو أحد منشآت كأس العالم 2022.
جحيم الدوحة
يقول نوح أحد موظفي الشركة القطرية السابق الإشارة إليها: "شعرت بسعادة غامرة عندما سمعت أنني سأعمل في الملعب. كان لدي الكثير من الثقة في أن الأمور ستكون أفضل هناك.. لأنني أعلم بالتأكيد أن ظروف المعيشة ستكون على ما يرام تماماً، كما أن دفع الراتب سيأتي أيضاً بالتأكيد.. ولكن لدهشتي لم تسر الأمور كما كنت أتوقع."
ولم يدر بخلد نوح الذي يعول أسرته التي تتكون من زوجة وطفلين، والذي تغرب من بلاده بحثاً عن لقمة عيش شريفة في الإمارة الخليجية الصغيرة، أن تواجهه ظروف أكثر صعوبة مما هرب منها في بلاده، لتتحول الدوحة إلى جحيم مستعر يلتهم جهده ووقته، وبلا مقابل، فالراتب متوقف منذ شهور طويلة.
فقد كان آخر شيء توقعه نوح وزملاؤه هو أنهم سيجدون أنفسهم أيضاً ضحايا الاستغلال: أجور غير مدفوعة، وممارسات توظيف خادعة، وتصاريح إقامة منتهية الصلاحية، ولا توجد إمكانية لتغيير الوظائف، بحسب تقرير لمنظمة العفو الدولية.
الحكومة لم تحرك ساكناً برغم علمها!
عندما تشاهد الملاعب المبهرة بتصميماتها الفاخرة التي تبنيها قطر، فلا تنخدع، فتحت عمدانها ومدرجاتها جثث عمال أحرقت شمس الدوحة الحارقة جلودهم، وآخرون لم يتلقوا رواتبهم لشهور طويلة.
عمل هؤلاء العمال لمدة تصل إلى سبعة أشهر بدون أجر، وما زالوا مدينين برواتب مستحقة، بالرغم من تلقي بعضهم لجزء من الأجور منذ 7 يونيو، كما فشلت الشركة في تجديد تصاريح الإقامة الخاصة بهم، بحسب منظمة العفو الدولية.
كانت المشاكل التي يواجهها عمال الشركة القطرية معروفة جيداً لدى وزارة العمل القطرية، والهيئة المنظمة لكأس العالم لمدة عام تقريباً، لكن الحكومة القطرية لم تحرك ساكناً، ولم تبدأ إجراءات التعويض إلا بعد مشاركة منظمة العفو الدولية لنتائج هذا التحقيق مع الحكومة القطرية.
وأفاد موظفو شركة قطر للحديد المجلفن الذين تحدثوا مع منظمة العفو الدولية بأنهم بدأوا يواجهون تأخيرات في الرواتب في أوائل عام 2019، وبين سبتمبر 2019 ونهاية مارس 2020 لم يتلق العديد من الموظفين أي راتب على الإطلاق مقابل عملهم.
ولا يزال هؤلاء العمال ينتظرون الحصول على رواتبهم الكاملة، وتتعاون منظمة العفو الدولية معهم؛ لحث قطر والفيفا على ضمان حصولهم على كل قرش مستحق لهم، وإصلاح نظام العمل القطري القسري.