تعقيبًا على "اتفاق الرياض" بين الحكومة اليمنية الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي عُقد أمس بالعاصمة الرياض، قال الدكتور فهد الشليمي، الخبير والباحث السياسي: إن هذا الاتفاق نجاح كبير للدبلوماسية السعودية؛ فالسعودية صاحبة تاريخ وإرث كبير في جمع الأطراف المتحاربة كافة؛ فسابقًا جمعت السعودية الفلسطينيين، وكذلك اتفاق الطائف، وجمعنا الإثيوبيين وإريتريا، وأكثر من ذلك شهدته السعودية.
وأوضح "الشليمي" أن هذا الاتفاق يخدم جميع الأطراف، فضلاً عن تميز الدور السعودي المؤثر، وكذلك الدور الإماراتي المتفهم، والدور اليمني المسؤول، والدور للمجلس الانتقالي في تغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة في الوقت الحالي؛ إذ إن هذا التحالف هو لإسقاط الانقلاب الحوثي بصنعاء.
وتابع: بعد توقيع هذا الاتفاق، وإذا تم تنفيذ بنوده، فسوف تتوحد الجهود لإسقاط هذا الانقلاب، وتكون هناك جبهة واحدة موحدة لهزيمة النظام الحوثي والمشروع الإيراني. موضحًا أن توقيت الاتفاق مهمٌّ في ظل تقلص الدور الإيراني عقب مظاهرات لبنان والعراق ضد إيران؛ ولهذا فالتأثير الإيراني أصبح خفيفًا، وأصبحت الأولوية للحوثيين هامشية.
وأشار الباحث إلى أن هذا الاتفاق يساعد الحكومة الشرعية في مفاوضات قادمة، كمفاوضات السويد. كما أن الأمم المتحدة ستستفيد من هذا الاتفاق؛ لأن الحكومة اليمينية ستكون حكومة وجبهة موحدة أمام الحوثي الذي أصبح الآن ضعيفًا لضعف حليفه إيران الذي أصبح في موقف صعب جدًّا.
وأشاد بدور المثابرة والصبر الذي قامت به القيادة السعودية في تبني المصالحة، وأيضًا الموافقة والتأييد الإماراتي، وقد كان لهما دور كبير في إنجاح الاتفاقيات، وأيضًا في حفظ الأرواح؛ لأنه لولا الاتفاقيات لاستمرت الاشتباكات اليمنية الآن. مؤكدًا أنه طبقًا لأحد بنود الاتفاق "تنتقل الحكومة الشرعية إلى عدن؛ وبالتالي تمارس الدولة اليمنية واجباتها السياسية في أرض اليمن في العاصمة الثانية عدن، وأيضًا واجباتها الإدارية والخدمية".
وقال: كما أظن أن الاتفاق الثاني هو دمج القوات المسلحة والميليشيات الأمنية اليمنية تحت مظلة القوات المسلحة باسم المؤسسة العسكرية.
وأعرب الباحث عن أسفه لوجود أشخاص من الجانب اليمني غير مرحبين بهذا الاتفاق، وقال: يجب على الشعب اليمني أن يدرك خطورة المرحلة، وأن تتم متابعة الإرهاب. وعلى حزب الإصلاح اليمني أن يغلب المصلحة اليمنية العامة والعربية على المصلحة الحزبية؛ لذلك سوف تكون صدق النوايا وتطبيقها في مواقيتها المحددة مؤشرات النجاح لهذا الاتفاق. كما أننى أود أن أثني على القوات المسلحة السعودية التي قامت بأدوار كبيرة في جبهة سعدة وجبهة الجنوب، وموجودة في العاصمة الثانية عدن لتأمين الاستقرار، وأيضًا لمراقبة اللجنة المشتركة لمتابعة العمل على نجاح الاتفاق.
وأضاف الباحث بأن ملخص المشهد هو أن جميع الأطراف تعتقد أنها الفائزة بتشكيل حكومتها المتمثلة في الشمال والجنوب، وكل هذا تحت المظلة الشرعية، وهذا هو المطلوب والهدف الاستراتيجي بعودة الرئيس اليمني لصنعاء، وإفشال الانقلاب، وهو ما نصت عليه العديد من قرارات الأمم المتحدة، وآخرها قرار 2016.
مشيدًا بتسلُّم برقية تهنئة خاصة لخادم الحرمين الشريفين من أمير الكويت، ولفت إلى أن نجاح الاتفاق هو نجاح للدبلوماسية الشابة لسمو العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- راعي الاتفاق مع نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد.
ونوه الباحث بأن حضور ورعاية سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله-، وحضور ولي عهد الإمارات، ووجود الرئيس اليمني متوسطًا سمو الأمير محمد بن سلمان وسمو الشيخ محمد بن زايد، تعطي إشارة سياسية كبيرة مهمة لمنع أي تدخل أجنبي، وخصوصًا التدخل البريطاني؛ لأن البريطانيين كانت لهم ترتيبات أخرى، والآن الأمم المتحدة الأمريكية تستطيع التدخل؛ لأن لها مجهودات في الشأن اليمني؛ وبهذا تكون هناك جبهة سياسية موحدة أمام ميليشيا الحوثي.
وفي نهاية التصريح بارك وهنّأ الباحث السعودي السعودية والإمارات والمجلس الانتقالي اليمني وكل دول التحالف.
وكانت العاصمة السعودية الرياض قد شهدت أمس "اتفاق الرياض" بين الحكومة اليمنية الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي برعاية وحضور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله-، وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، وحضور الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي. كما شهد توقيع الاتفاق عدد من المسؤولين وسفراء الدول العربية والغربية.
وينص الاتفاق على "توحيد الجهود تحت قيادة تحالف دعم الشرعية، بقيادة السعودية، لإنهاء انقلاب الحوثيين المدعوم من إيران، ومواجهة تنظيمَي القاعدة وداعش". كما يقضي بـ"مشاركة المجلس الانتقالي الجنوبي في وفد الحكومة لمشاورات الحل السياسي النهائي". كما تقرر "تشكيل حكومة كفاءات، لا تتعدى 24 وزيرًا، يعيِّن الرئيس هادي أعضاءها مع رئيس الوزراء والمكونات السياسية، مع منح الجنوبيين 50 % من حقائبها، في مدة لا تتجاوز 45 يومًا من توقيع الاتفاق".
وبموجب الاتفاق فإن الحكومة اليمنية ستباشر عملها من العاصمة المؤقتة في محافظة عدن جنوبي اليمن خلال مدة لا تتجاوز 7 أيام من توقيع الاتفاق.