بعض الناس لا همَّ لهم إلا مراقبة الآخرين؛ فهم يتتبعون أخطاءهم وعوراتهم واكتشاف أسرارهم، ثم يقومون بنقلها وإشاعتها بين الناس؛ فتجدهم عندما يتحدثون لا يخلو حديثهم من إفشاء أسرار الآخرين، ونقل عيوبهم، والتعرُّض لأعراضهم، ظنًّا منهم أنهم بذلك الفعل يكبرون في نظر الآخرين، وما علموا أنهم بهذا الأسلوب يسقطون من أعين مَن حولهم؛ لأنه لا يؤمَن جانبهم؛ فمن نقل لك نقل عليك، ومَن تحدث عندك عن أعراض الآخرين فسيتحدث إليهم عن عرضك. والمشكلة أن هذا الصنف من الناس يلقى مَن يصفق له، ويتلهف لمعرفة ما لديه من أخبار ومعلومات تمس حياة الآخرين حتى وإن كانت كاذبة أو مفبركة.
واليوم، ومع انتشار وسائل الاتصال المختلفة، فقد وجد هؤلاء العابثون أسهل الطرق للوصول إلى الآخرين بأسماء مستعارة، يتخفون تحتها للحديث عن الآخرين ونقدهم بأساليب مختلفة ورخيصة، تنمُّ عن الحقد الذي بداخلهم، خاصة أولئك الذين يجدون فرصة للمداخلات والردود على أصحاب الفكر من كُتّاب ومثقفين دون أن يكتبوا أسماءهم الصريحة؛ لأنهم فاشلون، ولا يملكون الشجاعة لمواجهة الآخرين.
وعندما ترى تعليقًا من إنسان لم يفهم شيئًا مما كتبته، ثم يتفنن في النقد الذي يكشف سوأته، ويثير شفقة الناس عليه، عندها لا تملك إلا أن تضحك وأنت تقول "شر البلية ما يُضحك". ولأن مَن ضحكت منه جاهل فهو يتخفى تحت أسماء مستعارة، أو رموز ليس لها أي تفسير، وسيبقى في بوتقته السوداء التي اكتسبها من عدائه للناجحين.
إلى هؤلاء وأمثالهم نقول: كونوا أعضاء نافعين في المجتمع بدلاً من أن تكونوا سلعة ممتهنة لمن يصفق أمامكم، ويسخر منكم في غيابكم.