** بعد انتظار ثلاثة أشهر من ظهور وباء كورونا المستجد في (ووهان) الصينية أعلنت منظمة الصحة العالمية جائحة الوباء العالمي في تأخُّر غير مبرر من قِبل المنظمة، خاصة أن كثيرًا من وسائل الإعلام تفيد بتأخُّرها أكثر من سبعة أشهر في إعلان الوباء من خلال تتبُّع أعداد الحالات المصابة في المدن الصينية.
** تلا ذلك التأخُّر تخبُّط المنظمة في تصريحاتها وتعاطيها مع الأزمة؛ فكل تصريح يعقبه آخر ينقضه؛ ما جعلها تبدو عاجزة عن ممارسة الدور المنوط بها كمرجعية دولية عُليا لما يندرج تحت اختصاصاتها، وهو مهم جدًّا لتعلقه بحياة أمم الأرض.
** فبداية من تصريح المنظمة بأن المرض لا ينتقل عن طريق الملامسة، ثم تصريح سيلفيا برياند مديرة قسم مكافحة الأمراض الوبائية في المنظمة بعد عودتها من الصين - وقد اطلعت على الإجراءات المتخذة هناك لمواجهة المرض - الذي أفادت فيه بأن فيروس كورونا المستجد لا يمثل وباء عالميًّا؛ وهذا دعا المنظمة إلى تشجيع استمرار الرحلات الدولية؛ الأمر الذي أسهم بشكل كبير في انتشار الوباء حتى عم أقطار الأرض.
** ثم توالت تصريحات أكثر تخبطًا من قِبل المنظمة، ولم يصدر عنها ما يمكن الاطمئنان إليه في التوصل إلى دواء لمئات الآلاف من المصابين، أو لقاح يُعتمد للحد من انتشار الفيروس الأكثر ضراوة.
** ورغم محاولات بعض المختصين في المنظمة أو بعض الدول تبرير تخبطاتها بقدرة الفيروس السريعة على الانتشار، وكذلك خصائصه التي أعجزت مراكز البحث؛ فأسماه بعض الباحثين (الشيطان)؛ ليعبر عن عجز تام في التعامل العلمي معه، فإن ما يتم إعلانه من قِبل المنظمة يعتمد اعتمادًا كبيرًا على معامل أبحاث لا تنتمي إليها، أو من خلال تجارب الدول في التعامل مع الجائحة.
** وإمعانًا في التخبط أطلقت المنظمة تصريحَين متناقضَين في أقل من (24) ساعة!! الأول يقول: إن المصاب بالفيروس لا يعدي مخالطيه قبل ظهور الأعراض، ثم عادت بتصريح آخر ينقض الأول تمامًا، قالت فيه: إن حامل الفيروس يعدي المخالطين له حتى لو لم تظهر عليه أعراض المرض!!
** المؤكد أن المنظمة لا تخلو من تسييس في تعاملها مع الجائحة، وقد حمَّلتها الولايات المتحدة المسؤولية باعتبارها لم تنذر بوجوب اتخاذ تدابير وقائية منذ بداية المرض، ثم أعلنت انسحابها منها، أعقب ذلك اتهام الاتحاد الأوروبي روسيا والصين بتضليل العالم، وإطلاق معلومات خطأ عن فيروس كورونا المستجد، وهذا اتهام ضمني للمنظمة لاختصاصها العلمي والعملي.
** وبعيدًا عن هذه التناقضات برزت محاولات وطنية جادة، أثمرت تمكُّن الفريق البحثي بمركز الأبحاث في مستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض من تطوير اختبار تشخيصي للمرض، يعتمد على فحص البلمرة الجزيئية للفيروس، وحصل على اعتماد الهيئة العامة للغذاء والدواء في السعودية، وكذلك جهود الفريق البحثي بمركز الملك فهد للعلوم الطبية بجامعة الملك عبدالعزيز، الذي تمكن من عزل الفيروس تمهيدًا لتطوير لقاح له، إضافة إلى المبادرات البحثية في مراكز الأبحاث الجامعية، والمدن الطبية المتخصصة.
** بقي القول: إن التوقعات تشير إلى استمرار الجائحة، وإن الفيروس لا يزال في ضراوته، وقد بذلت الدولة - أيدها الله -، ووزارة الصحة وطواقمها، على اختلاف المهام الموكلة لها، جهودًا كبيرة، قلَّ نظيرها في العالم، وتبقى استجابة المواطن والمقيم بالالتزام باتباع الإرشادات الصحية؛ لتمرَّ هذه الجائحة بسلام.