عبدالله الذيابي لـ"سبق": اختراعي جهازًا لعلاج ارتجاع المريء يعود لإحساسي بمعاناة المرضى

يعالِج مشكلة الحموضة ويقلل معاناة المرضى بها بنسبة عالية وبطريقة آمنة
عبدالله الذيابي
عبدالله الذيابي
تم النشر في

تمكَّن الطبيب السعودي عبدالله الذيابي، استشاري الجهاز الهضمي والكبد والمناظير، من تسجيل براءة اختراع في مكتب براءات الاختراع السعودي إثر ابتكاره جهازًا ونظامًا ذكيًّا لعلاج الارتجاع المريئي.

وفي حديثه مع "سبق" يقول استشاري الجهاز الهضمي والكبد والمناظير، الدكتور عبدالله الذيابي: الإحساس بمعاناة المرضى ساهم في الوصول إلى هذا الابتكار، وهو منتج يعالِج مشكلة ارتجاع المريء والحموضة، أو يقلل معاناة المرضى منه بنسبة عالية، وذلك بطريقة آمنة.

ويتناول الحوار عددًا من المحاور الصحية المهمة.. فإلى التفاصيل:

Q

- هل ارتجاع المريء والحموضة اضطراب أم مرض؟

A

ارتجاع المريء اضطراب في الجهاز الهضمي، يصيب الصغار والكبار على حد سواء، ويمكن علاجه إما عن طريق الأدوية أو من خلال تغييرات في نمط الحياة.

ويصيب ارتجاع المريء أو الحموضة الجهاز الهضمي، ويعتبر اضطرابًا مؤقتًا في الغالب، وقد يحدث مرة واحدة ولا يتكرر، إلا أنه في حال الاستمرار وعدم العلاج يمكن أن يتحول لمرض مزمن، له عواقب وخيمة وأكثر خطورة، قد تهدد الحياة.

Q

- ما مدى انتشار ارتجاع المريء والحموضة؟ ومَن الفئة الأكثر إصابة به؟

A

يعد حالة مرضية شائعة، تحدث بسبب رجوع حمض المعدة ومحتوياتها إلى المريء. ويعاني منها الكثير من وقت لآخر، بما في ذلك النساء الحوامل. وتُسبب ألمًا حارقًا خلف عظمة الصدر (الحرقان)، ولكن تكرارها وشدتها قد يكونان بسبب مشكلة تستوجب علاجًا طبيًّا.

وارتجاع المريء والحموضة اضطراب شائع، يصيب الجنسين من مختلف الفئات العمرية، مع زيادة لدى البالغين. فحسب دراسة محلية، تتراوح نسبة الإصابة به من 23 إلى 45%. وتختلف نِسَب الإصابة من دولة لأخرى نظرًا لاختلاف وتبايُن المجتمعات في العادات الغذائية ونمط الحياة المتبع.

ويمكن لأي شخص في أي عمر أن يصاب بالارتجاع المعدي المريئي، لكن البعض قد يكون أكثر عرضة لخطر الإصابة به؛ فبعد سن الـ40 تزداد احتمالية الإصابة بشكل من أشكال ارتجاع المريء (خفيف أو شديد)، وكذلك مع زيادة الوزن أو السمنة، والحمل، والتدخين أو التعرض بانتظام للتدخين غير المباشر، وتناوُل بعض الأدوية التي قد تسبب ارتجاع المريء.

Q

- كيف يحدث ارتجاع المريء والحموضة؟ وما هي أسبابه؟

A

يحدث الارتجاع حين تسمح المعدة بدخول الطعام في عملية الهضم الطبيعية، وعندما لا ينغلق الصمام الموجود في نهاية المريء بشكل صحيح بسبب ضعف الصمام (العضلة العاصرة). وهذا يسمح لمحتويات المعدة بالتسرب مرة أخرى إلى المريء وتهيجه؛ ما قد يسبب حرقة في المعدة، مع ارتجاع بسيط دون الاستفراغ، وعسر الهضم، وصعوبة في البلع، وشعور بأن الطعام عالق في الحلق.. ومشاكل أخرى.

وتكون المعاناة من الحرقة مرة واحدة، أو تتكرر يوميًّا في النهار أو أثناء النوم ليلاً.

وتتعدد أسباب ارتجاع المريء والحموضة، ومن أبرزها: السمنة، والحمل، وبعض أنواع الأطعمة (مثل منتجات الألبان والأطعمة الحارة أو المقلية)، وعادات الأكل السيئة، والأدوية (أدوية الربو وارتفاع ضغط الدم والحساسية، وكذلك المسكنات والمهدئات ومضادات الاكتئاب)، وفتق أعلى المعدة. وقد تكون من الأعراض الجانبية لإجراء عمليات السمنة.

Q

- هل ارتجاع المريء خطير لكي يهدد الحياة؟

A

ارتجاع المريء ليس خطرًا على الحياة، أو خطرًا في حد ذاته؛ لكن ارتجاع المريء على المدى الطويل يمكن أن يؤدي إلى مشاكل صحية أكثر خطورة، منها (التهاب المريء، سرطان المريء والتضيُّق).

Q

- ما أعراض ارتجاع المريء؟

A

* ألم في الصدر: عادة بعد تناوُل الطعام تشعر بإحساس حارق في منتصف الصدر أو أعلى المعدة، ويكون أسوأ في الليل، كما تشعر بأنه يبدو تحت الجلد مباشرة، وقد يبدو أنه ينتقل من المعدة إلى الحلق بدلاً من الذراع الأيسر. يمكن أن يكون ألم الصدر شديدًا، ويُطلق عليه أيضًا حرقة الفؤاد، لدرجة أن الناس يتساءلون أحيانًا عما إذا كانوا يعانون نوبةً قلبيةً.

* تلف الأسنان: بالنسبة لبعض الأشخاص قد يكون من أعراض ارتجاع المريء الأولى تلف مينا الأسنان؛ فإذا عاد حمض المعدة إلى الفم في كثير من الأحيان يمكن أن يؤدي إلى تآكل سطح الأسنان.

* صعوبة في البلع: من الممكن أيضًا أن يكون هناك ارتجاع حنجري بلعومي بدلاً من ارتجاع المريء، أو الاثنان معًا. وفي هذه الحالة تشمل الأعراض الحلق والحنجرة، والصوت والممرات الأنفية.

* مذاق سيئ: يمكن أن يكون لديك مذاق مُر أو حامض في فمك؛ لأن الطعام أو حمض المعدة قد يصعد إلى المريء وإلى مؤخرة الحلق. وإذا كنت تعاني من الارتجاع الليلي فقد تواجه أيضًا سعالاً مزمنًا، والتهاب اللارين، والربو الجديد أو المؤلم، والنوم المتقطع.

Q

- ما أعراض ارتجاع المريء عند الأطفال؟

A

تشمل أعراض ارتجاع المريء عند الأطفال ما يأتي: السعال، الاختناق أو التقيؤ عندما تعود محتويات المعدة إلى الأعلى، صعوبة في التنفس أو التهابات الرئة المتكررة إذا ذهب الارتجاع إلى القصبة الهوائية، عدم الراحة أثناء تناول الطعام أو بعده مباشرة، مغص أو فترات من البكاء تدوم أكثر من ثلاث ساعات في اليوم والاستيقاظ أثناء النوم.

Q

- ما الحاجة التي شكلت الدافع للتفكير ومن ثم العمل للوصول إلى هذا الابتكار؟

A

من جوانب العمل في القطاع الصحي الإحساس بمعاناة المرضى، وتحمُّل مسؤولية العمل على تخفيفها قدر الإمكان حتى زوالها بدون مضاعفات خطرة على الصحة والحياة، ولكون ارتجاع المريء والحموضة مرضًا شائعًا، يشكل مرضاه النسبة الأكبر من مراجعي عيادات الباطنة وأطباء الجهاز الهضمي، إضافة لمراجعي مناظير الجهاز الهضمي العلوي، أو تحليل درجة حموضة المعدة، مع حالات لا تستجيب للأدوية، والخوف من المضاعفات الجانبية لها، خاصة عند الاستخدام لفترات طويلة، أو مضاعفات الجراحة.. فمن كل ما سبق تشكلت قاعدة الانطلاق للبحث في مشروع ابتكار، يساهم في حل المشكلة بشكل نهائي وآمن.

Q

- قدم لنا شرحًا عن فكرة وطريقة عمل هذا الابتكار؟

A

هو منتج يعالج مشكلة ارتجاع المريء والحموضة، أو يقلل معاناة المرضى منه بنسبة عالية، وذلك بطريقة آمنة وسهلة التركيب والاستخدام، مع تفادي مشاكل ومضاعفات الطرق العلاجية السابقة. وهو جهاز يتم تثبيته أسفل المريء بإجراء منظار الجهاز الهضمي العلوي؛ ليعزز ويقوم بوظيفة صمام أسفل المريء؛ لمنع ارتجاع السوائل والأحماض من المعدة إلى المريء. ويقدم كذلك عددًا من الأعمال، منها: قياس درجة الحموضة في أسفل المريء، واستشعار زيادة درجة الحموضة في المريء، وإمكانية تخزين أدوية ثم ضخها عند الحاجة لتقليل كمية الأدوية في الجسم، وتجنُّب مضاعفاتها الجانبية، ومتابعة حالة النسيج في أسفل المريء لتقليل احتمالية الإصابة بسرطان المريء. ويمكن أخذ عينة عبر الجهاز، وإجراء التقييم المبدئي في الجهاز قبل نقلها للمختبر، وتحليلها بشكل أوسع.

ويتميز الجهاز بسهولة التركيب بالمنظار خلال 15 دقيقة مع تخدير جزئي أو كامل بطريقة أقل تداخلية وأقل في مضاعفات التخدير. ويقدم خيارات تركيب لفترات زمنية مختلفة، بين القصيرة لأيام أو أسابيع والطويلة لأشهر أو سنوات. كما أنه يملك تقنية متطورة، تقلل من الحاجة لأدوية الحموضة وعمليات الحموضة الجراحية؛ لتحد من مضاعفاتها. وفي حال حدوث مضاعفات للجهاز فهي أقل مقارنة بالطرق العلاجية السابقة؛ ما يزيد من إقبال المرضى للاستفادة منه. كما أنه يساهم في تقليص التكاليف المادية على مؤسسات الرعاية الصحية وعلى المرضى.

Q

- هل هذا الابتكار مسجَّل ومعتمد علميًّا؟ وما هي الصعوبات والمعوقات؟

A

بعد 4 أعوام من العمل الجاد وفق المعايير والمنهجية العلمية المعتمدة، مع دعم من الزملاء المختصين والأكاديميين، تم التوصل -بفضل الله- للابتكار الذي تولى مركز الملك عبدالله العالمي للأبحاث الطبية الأعمال والمتطلبات كافة لتسجيله رسميًّا في الجهات المعنية وذات الاختصاص؛ للحصول على حقوق وشهادة براءة الاختراع محليًّا، ثم عالميًّا في مكتب الابتكار بأمريكا. وبهذا تم إنجاز ثلث العمل، ويبقى الدعم للإنتاج المبدئي، والخضوع للتجارب وتحليل نتائجها، ثم العمل على المنتج النهائي. وهذا الجزء يحتاج لتمويل ودعم مالي، تقدمه الشركات والحكومات. ثم يأتي الجزء النهائي، وهو العمل على الإنتاج التجاري الواسع، وما يصاحبه من تصنيع وتخزين وشحن وبيع وترويج وتسويق حتى يصل للمستهلك النهائي، ويساهم بالتخلص من معاناته.

Q

- من واقع خبرتك ما هي النصائح التي تقدمها مع كلمة أخيرة؟

A

هي نصيحة أقرب إلى دعوة، أوجهها لزملائي العاملين في قطاع الرعاية الصحية، وأقول لهم: أنتم من يعمل ويتعايش باستمرار مع معاناة الإنسانية، وأنتم من يشارك ويخفف ويعالج.. فأفكاركم بداية الطريق؛ فلا تقيدوها في عقولكم، بل أطلقوها لترى النور وتحيا بانتفاع الإنسانية بها.

وكلمتي الأخيرة: أتوجه بالشكر لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين وكل القائمين والعاملين في هذا الوطن على توفير رعاية صحية وطبية بمستوى عالٍ للمواطن والمقيم. وأطلب من مولاي الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- توجيه وتكليف الجهات المعنية في المملكة العربية السعودية بأن تتبنى العمل على استثمار وإنتاج الابتكارات والاختراعات السعودية، وترويجها، وتسويقها محليًّا وعالميًّا.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org