

يمثل التعاون الأمني والدفاعي بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية أحد أبرز أعمدة الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، إذ يلعب دورًا محوريًا في تعزيز القدرات العسكرية للمملكة وحماية مكتسباتها الوطنية، في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية المتسارعة. وتبني المملكة هذا التعاون على رؤية واضحة تستهدف تطوير منظومتها الدفاعية عبر التكنولوجيا المتقدمة ونقل الخبرات العالمية إلى الداخل.
وتُعد الشراكة الدفاعية مع الولايات المتحدة ركيزة أساسية في دعم جهود المملكة لتطوير قدراتها العسكرية، من خلال الحصول على أحدث الأنظمة الدفاعية والتقنيات المتقدمة التي تعزز جاهزية القوات السعودية بمختلف فروعها. ويسهم هذا التعاون في تقوية منظومات الدفاع الجوي والبحري والبري، ورفع مستوى التكامل العملياتي بين الجهات العسكرية، بما يدعم قوة الردع ويحمي المصالح الوطنية.
ولا يقتصر التعاون الدفاعي على الجانب العسكري والتسليحي فقط، بل يمتد ليشمل تنمية القدرات البشرية السعودية في مجالات التصنيع العسكري، وإدارة الأنظمة الدفاعية، والتطوير التقني. وتعمل المملكة عبر هذه الشراكات على إعداد كوادر وطنية قادرة على تشغيل وإدارة المصانع العسكرية وتطوير الأنظمة، بما يرسخ قاعدة صناعية دفاعية داخلية متينة.
ويُعد نقل المعرفة وتوطين الصناعات الدفاعية أحد أهم مسارات التعاون بين الجانبين، إذ تستهدف المملكة توطين 50% من الإنفاق العسكري بحلول 2030، انسجامًا مع مستهدفات رؤية المملكة. وقد أسهم التعاون الأمريكي في تسريع هذا التحول، من خلال المشاريع المشتركة وبرامج التدريب المتقدمة، وتهيئة بيئة مناسبة لنقل التكنولوجيا وتطوير المنتجات الدفاعية محليًا.
ويفتح هذا التعاون آفاقًا جديدة أمام القطاع الخاص السعودي للدخول في صناعات عسكرية متطورة، عبر شراكات محلية ودولية تسهم في توسيع قاعدة الإنتاج الدفاعي. ومن المتوقع أن تخلق هذه المشاريع وظائف نوعية للسعوديين في مجالات الهندسة العسكرية، والصيانة، والإنتاج، والبحث والتطوير، بما يعزز مسار التمكين الوطني في قطاع الدفاع.
وفي مجملها، تعكس الشراكة الدفاعية بين المملكة والولايات المتحدة التزامًا مشتركًا بدعم الاستقرار الإقليمي والدولي، وبناء منظومة دفاعية سعودية حديثة تعتمد على التكنولوجيا المتقدمة والمعرفة والكوادر الوطنية. وتمضي المملكة في هذا المسار باعتباره ركيزة أساسية لحماية الوطن، وفي الوقت ذاته جزءًا من مشروع استراتيجي أكبر يهدف إلى توطين الصناعات العسكرية وبناء اقتصاد مزدهر قائم على الابتكار.