قواعد اللعبة تغيرت في المنطقة.. "الساعد": إذا لم يفهم "نصر الله" رسالة اغتيال "هنية الغامضة" فهو يكتب نهايته بيده

 الكاتب والمحلل السياسي محمد الساعد
الكاتب والمحلل السياسي محمد الساعد
تم النشر في

مذكرًا برسالة غازي كنعان قبل 34 عامًا، يحذر الكاتب والمحلل السياسي محمد الساعد، حسن نصر الله وحزب الله، من الدخول في حرب شاملة مع "إسرائيل" مؤكدًا بالأدلة والتصريحات الرسمية، أن قواعد اللعبة في المنطقة قد تغيرت، وأن عليه أن يفهم رسائل إيران التي أعلنت صراحة أنها لن تتورط في حرب تصب في صالح بنيامين نتنياهو و"إسرائيل"، بعدما اختار الحزب ونصر الله خوضها، دون فهم للواقع السياسي الذي تغيّر، حيث ترى برغماتية "مصالح" طهران أن التفريط في حزب الله وحماس أهون من التفريط في المشروع الإيراني نفسه، داعيًا حسن نصر الله إلى فهم رسالة اغتيال "إسماعيل هنية الغامضة"، حتى لا يكتب رسالته الأخيرة بيده.

الحرب بين حزب الله ومليشيا أمل الشيعيتين

وفي مقاله "يا «نصر الله» هل تتذكر رسالة غازي كنعان؟" بصحيفة "عكاظ"، يبدأ "الساعد" كعادته من التاريخ، مذكرًا حسن نصر الله بأهمية الرسالة التي تلقاها منذ 34 عامًا، وجعلته يوقف الصراع مع ميليشيات أمل الشيعية، يقول "الساعد": "في العام 1988م، اندلع صراع نفوذ دامٍ بين تنظيم حزب الله ومليشيا أمل الشيعيتين، حينها كان حزب الله يتشكّل في طوره النهائي بعدما خرج من رحم تنظيمات إرهابية صغيرة ومتجزئة، دارت المعارك الطاحنة بين الحركتين في مناطق نفوذ الطرفين، في محاولة للاستحواذ على الورقة الشيعية في لبنان، في وقت كانت إيران تضخ ما يسمى بتصدير الثورة إلى العالم ومنه لبنان.. كانت الحرب الأهلية اللبنانية تلفظ أنفاسها الأخيرة، وكان السعوديون يعملون بتنسيق لإنهاء الحرب الأهلية اللبنانية التي دمرت لبنان تماماً، وكان السوريون متعاونين في هذا الملف، وفِقَ السعوديين، وامتن اللبنانيون العقلاء لتلك الجهود السعودية الكبيرة".

رسالتان غامضتان من غازي كنعان

ويمضي "الساعد" راويًا، ويقول: "بدأت ما تسمى بـ«حرب الإخوة» باشتباكات محدودة بين الضفتين الشيعيتين -العلمانية أمل، والأيديولوجية حزب الله- لكنها كانت تنذر بجحيم من القتال استمر طوال ثلاثة أعوام بدءاً من 1988م، في محاولة من الطرفين لاستئصال الطرف الآخر، إلى أن توقّفت كُلياً في أكتوبر 1990م بتدخل سوري، لتسفر بعد ذلك عن اتفاق نهائي أوقف الحرب بين الجانبين برعاية سورية وإيران.

التوقف لم يكن ليحصل لولا رسالتان غامضتان من غازي كنعان ممثل سورية في لبنان وجهتا لحسن نصر الله، فبعدما رجحت كفة مليشيا حزب الله في المعارك الضارية، واستباحتهم لكوادر أمل بما فيها حواضنهم الشعبية، طُرِحَ على حزب الله رسالة أولى من غازي كنعان تدعو إلى الوصول إلى هدنة بين الطرفين والتوقف عن القتال، لكن حزب الله -المنتشي بقوته وبروائح الدم التي كان يسكبها- رفض التوقف عن القتال واستمر في استباحة قرى وحواضن أمل.. عندها أرسل له غازي كنعان رسالة ثانية عبر شاحنة توقفت أمام مقر حزب الله حينها، ففهم نصر الله «الرسالة» وتوقف فوراً عن إكمال مشروع استئصاله لتنظيم أمل، وقبل التوقيع على الاتفاق".

الرسائل تؤكد: قواعد اللعبة تغيّرت في المنطقة

وفي تحذير صريح، يقول "الساعد": "اليوم يتكرر نفس المشهد، فالرسائل العديدة التي تصل إلى الحزب المنتشي بعدد صواريخه «200 ألف صاروخ حسب زعمه»، لم يفهمها، ولا يريد التماهي مع السياسات الجديدة، ويبدو أنه في حاجة إلى رسالة أخرى أكثر صرامة، يستطيع معها فهم قواعد اللعبة التي تغيّرت في المنطقة".

على "نصر الله" أن يفهم رسالة اغتيال "هنية الغامضة"

ويمضي "الساعد" محذرًا، ويقول: "فقد حصل البيع والشراء على رقاب حزب الضاحية، كما حصل على رقاب حماس «حزب غزة»، وإذا لم يفهم حسن نصر الله رسالة اغتيال «إسماعيل هنية الغامضة» فأقل ما يقال عنه أنه يكتب رسالته الأخيرة بيده".

هذا ما قاله "محمد صالح صدقيان"

ويدعو "الساعد" نصر الله إلى فهم ما قاله باحث عراقي مقيم في إيران، ويقول: "دعونا نقرأ ما قاله الباحث في الشؤون الإيرانية الكاتب والمحلل السياسي العراقي المقيم في إيران «محمد صالح صدقيان»، مبرراً عدم انضمام إيران إلى حزب الله في الحرب الدائرة حالياً: «أي حرب تقع الآن مع الكيان الإسرائيلي تصب بمصلحة نتنياهو وبمصلحة الكيان. ومن يريد دخول الحرب المباشرة يجب أن يدرس النتائج فإن كانت تحقق الأهداف فبها، وإلا فإنها تصبح حرباً عبثية لا طائل منها. من يدعو لتوسيع نطاق الحرب يسوق أفكار نتنياهو ويلعب في الملعب الذي رسمه لإدارة حرب غزة».. إذن حتى النخبة المقربة من إيران تقول لحزب الله: إيران لن تتورط في حرب اختار الحزب ونصر الله خوضها، دون فهم للواقع السياسي الذي تغيّر في المنطقة".

وتصريحات الرئيس الإيراني لشبكة "سي إن إن"

ويرصد "الساعد" تصريحات الرئيس الإيراني لشبكة "سي إن إن"، ويقول: "ما قاله صدقيان ليس بعيداً عما قاله الرئيس الإيراني نفسه في مقابلة مع شبكة «سي إن إن» على هامش مشاركته في الجمعية العامة للأمم المتحدة: «يجب ألا نسمح بأن يصبح لبنان غزة أخرى على يدَي إسرائيل، مضيفاً: لا يمكن أن يواجه حزب الله بمفرده دولة تدافع عنها وتدعمها وتزوِّدها بالإمدادات دول غربية ودول أوروبية والولايات المتحدة»، حسبما أوردت «وكالة الصحافة الفرنسية».. مضيفاً إليها: «إيران لا تريد أن ترى الحرب الحالية في غزة، والغارات الجوية على طول الحدود بين إسرائيل ولبنان تتوسّع»".

حزب الله أمام خيارات صعبة

وفي ظل هذه التصريحات والرسائل، يرى "الساعد" أن حزب الله أمام خيارات صعبة، ويقول: "يبدو أن حزب الله أمام خيارات صعبة، فروحه التنظيمية المنفلتة والمغرورة من أي حسابات سياسية، تقابلها برغماتية من الراعي الرئيسي للحزب، هذه البرغماتية ترى أن التفريط في حزب الله وحماس أهون من التفريط في المشروع الإيراني نفسه، وأن خوض حرب مع الآلة العسكرية الإسرائيلية هو ضرب من الجنون، خاصة بعدما جربت إيران وأطلقت صواريخها الضعيفة عديمة التأثير التي ثبت عجزها أمام التقدم التكنولوجي الإسرائيلي والغربي".

هل يلقى "نصر الله" نفس مصير "هنية"؟

وينهي "الساعد" متسائلاً: "فهل سيكون مصير حسن نصر الله هو نفس مصير إسماعيل هنية، أم أنه سيتذكر شاحنة «غازي كنعان» ويقبل بالتسوية ويتراجع عن صواريخه وتهديداته المفرطة في الغرور؟".

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org