أكد الشيخ الدكتور عبدالسلام بن عبدالله السليمان، عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للفتوى، على أن ما يتم تداوله من رسائل عبر الواتساب أو غيره من مواقع التواصل الاجتماعي تحث الناس على التوبة أو تخصيص عبادات معينة في نهاية أو بداية كل سنة "بدعة"، مشيراً بأن صحائف الإنسان لا تطوى مع انتهاء العام كما يظن البعض، ومحذراً في الوقت ذاته من رسائل التحسر والنياحة على مضي الزمن؛ لأنها تسبب القنوط وتقلل من التوكل على الله.
وقال الدكتور السليمان لبرنامج "فتاوى" على قناة السعودية: "للأسف من الملاحظ أنه في آخر السنة يأتي من يقول ويوجه الناس بأن يجعل آخر أو أول يوم من السنة صياماً، وهناك كذلك من يقول اجعل لك في آخر السنة أو في بدايتها توبة أو التخلص من الحقوق أو غيرها من الرسائل وكلها من البدع التي ابتدعها الناس وهذا لا أصل له، ولا يصلح أيضاً أن يخصص الإنسان عبادة خاصة فتجد بعضهم يحسب الوقت فيقول إنه يبدأ قبل الساعة 12:00 مثلا بالصلاة فتكون آخر الليل جزء في السنة الماضية وجزء في السنة الجديدة".
وأضاف: "هناك كذلك من يقوم بالتحسر على ما مضى من الأيام والأزمنة ويقوم بالنياحة وغيرها من العبارات التي للأسف أنها تسيء للناس وأيضاً تقلل التوكل على الله سبحانه وتعالى وتسبب القنوط عند البعض وهذا لا شك أنها من الرسائل التي تزعج الناس وتكثر للأسف في آخر وأول كل سنة".
وبيّن أنه "إذا نظرنا إلى من يأمرنا أن نتوب في آخر السنة أو في أول السنة نقول إن التوبة في كل أوقات السنة وفي كل ساعة وفي كل دقيقة فالله سبحانه وتعالى قال في كتابه: "إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليماً حكيماً"، والمقصود من آية "يتوبون من قريب" أي يبادرون بالتوبة، وقال تعالى: "والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون"، وهذا يعني الإصرار عندهم دائماً يجددون التوبة في كل أيام السنة ولا يحتاجون إلى أن ينتظروا إلى أول أو آخر السنة لكي يتوبوا ويجددوا التوبة".
وقال "السليمان": "الله سبحانه وتعالى أيضاً بين في كتابه لعباده "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً". فمغفرة الذنوب من الله سبحانه وتعالى على عبده إذا تاب في كل أوقات السنة فالمسلم دائماً يبادر بذلك، ويجدد التوبة في كل مجلس وفي كل لحظة اقتداء بنبيا عليه الصلاة والسلام وهو الذي غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ومع ذلك كان يستغفر ويتوب في المجلس الواحد أكثر من 100 مرة، فكيف يأتي هذا ويجعل التوبة في آخر أو في أول السنة أو يريد أن يذكر الناس بهذه الطريقة، بل إذا كان يذكّر فإنه يذكّر في جميع أيام السنة".
وأشار إلى أن التقويم والسنوات هي مجرد أيام حددت وليس المقصود فيها كما يقول البعض أنها تطوى الصحائف في آخر السنة أو في أول السنة، والله سبحانه وتعالى قال في كتابه "وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشوراً اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى وما كنا معذبين حتى نبعت رسولاً".. فالصحائف تطوى في آخر أيام المرء عندما يموت.
وأردف: إنما المسلم إذا نظر إلى هذه الأيام يتذكر سرعة الأيام والليالي وإنما هي مذكرات يتذكر بها المرء ويبدأ يحاسب نفسه من غير أن يقول إنها تطوى الصحائف في هذه السنة أو أن يأمر الناس بعبادات خاصة في أول السنة أو في آخرها ويظن أنها هذه الصحيفة إذا ختمها أنه أيضاً يتجاوز عن كل ما مضى من ذلك.
وختاماً قال "السليمان": بعث الله الرسول صلى الله عليه وسلم وبين لنا الأحكام وما هو مباح لنا وما هو محرم، فيجب على المسلم أن يلتزم بهدي النبي عليه الصلاة والسلام ويبتعد عن مثل هذه الرسائل وإن كان قد مضى يعني هذا الأمر وحصل ما حصل عليه بالتوبة إلى الله سبحانه وتعالى وألا يكرر مثل هذه الرسائل التي يشغل فيها الناس وأيضا لا يحثهم على أمر لم يثبت لا في كتاب الله ولا في سنة نبيه ولم يكن أيضاً من حال السلف.