يأتي إعلان شركة أرامكو السعودية طرح جزء من أسهمها للاكتتاب العام ليمنح فرصة من ذهب للمستثمرين؛ ليضخوا استثماراتهم للمرة الأولى في تاريخ الاكتتابات العالمية في أكبر شركة متكاملة للنفط الخام والغاز. يضاف إلى ذلك حجم الأرباح المتوقع أن تحققها الشركة لهؤلاء المستثمرين؛ وقد يفسر هذا الأمر الإقبال الكبير الذي سيحظى به هذا الاكتتاب في الداخل والخارج عند طرحه خلال الأيام المقبلة.
ويجسد طرح أرامكو السعودية الأولي أحد أهداف رؤية السعودية 2030 التي رسمت صورة ناصعة البياض لمستقبل قطاع الطاقة في السعودية؛ إذ خططت الرؤية قبل نحو ثلاث سنوات لتصبح أرامكو أكبر شركة متكاملة للطاقة والكيمياويات في العالم، تعمل وفقًا لمنظومة تشغيلية آمنة ومستدامة وموثوقة، وهذا ما تحقق على الواقع في فترة سابقة، وسيتحقق ما تبقى منه بعد الطرح.
ولدى شركة أرامكو السعودية دون غيرها من شركات النفط في العالم سمعة طيبة، وتاريخ ناصع البياض، في أنها شركة متطورة، آخذة في النمو والتوسع عامًا بعد آخر، تعمل بآليات حديثة، تعزز من خدماتها في قطاع الطاقة والبتروكيماويات، وتُعلي من شأنها وتُكسبها مكانة عالية، كعملاق اقتصادي، لا يمكن مقارنته بغيره من الشركات المماثلة، ليس على المستوى الإقليمي فحسب، وإنما على المستوى الدولي أيضًا.
إعفاءات المستثمرين
يترقب كبار المستثمرين في الداخل والخارج الحصول على حصة من أسهم الشركة في حال طرحها في أسواق المال المحلية والعالمية. ويساعد إدراج الأسهم في السوق الرئيسية لدى السوق المالية السعودية (تداول) المستثمرين السعوديين على الحصول على حصة معقولة من تلك الأسهم.
وأطلقت أرامكو نظام حوافز للسعوديين، وبعض الإعفاءات للمستثمرين الأجانب، لتسهيل الاكتتاب في أسهمها، وهي تحفيزات كبيرة ومغرية، تؤكد أن الحكومة حريصة كل الحرص على نجاح الاكتتاب، وتحقيق كامل أهدافه في أسرع وقت ممكن. ويحق لكل مستثمر سعودي الحصول على سهم واحد مجانًا مقابل كل 10 أسهم مخصصة له، شرط ألا يتصرف بالأسهم المخصصة له لمدة 180 يومًا من تاريخ الإدراج، على ألا يزيد عدد الأسهم المجانية الممنوحة والمستحقة لكل مستثمر سعودي على 100 سهم.
وستخصص أرامكو الأسهم المجانية من أسهم الحكومة، ويحق لكل مستثمر مؤهل الحصول على هذا الحافز مرة واحدة فقط.
مزايا الأجانب
أما بالنسبة للمستثمرين الأجانب فقد أصدر مجلس إدارة هيئة السوق المالية قرارًا، يقضي بإعفاء المؤسسات المالية الأجنبية من بعض الإجراءات الرسمية للوفاء بشروط المستثمر الأجنبي المؤهل، بشرط أن يضمن أمين الحفظ الدولي تأهيل المستثمر الأجنبي، فيما سيعمل أمين الحفظ المحلي على ضمان تنفيذ جميع الترتيبات اللازمة لتمكين المستثمر الأجنبي من المشاركة في الاكتتاب العام. وإضافة إلى ذلك أصدر مجلس إدارة هيئة السوق المالية قرارًا، يقضي بتمكين بعض المؤسسات غير المالية من المشاركة في الاكتتاب العام، رغم أنها لا تستوفي شروط التأهيل المنصوص عليها في القواعد المنظمة لاستثمار المؤسسات المالية الأجنبية المؤهلة التي سيشار إليها كمستثمرين متخصصين.
وستقدم أرامكو أو أي من مستشاريها الماليين قبل تاريخ بدء بناء سِجل الأوامر بيانات كل مستثمر متخصص إلى هيئة السوق المالية.
جاذبية الأسواق
ويتفق محللون اقتصاديون على أن طرح شركة ضخمة، بحجم أرامكو السعودية، أمرٌ مهم جدًّا لزيادة جاذبية سوق الأسهم السعودية للمستثمرين المحليين والدوليين.
وأشاروا إلى أن الأسواق تنتظر هذا الطرح منذ فترة؛ إذ تعد أرامكو من أكثر الشركات كفاءة في العالم، وأن هذا الطرح سيكشف النقاب عن هذه الكفاءة.
وقالت الشركة إنها ستقوم بتوزيع أرباح مرحلية "عادية" بقيمة 13.4 مليار دولار، وذلك عن الربع الثالث من العام الجاري (2019). وأضافت بأنها سوف تقوم بتوزيع أرباح مرحلية بحد أعلى 9.5 مليار دولار بعد الحصول على الموافقات اللازمة من قِبل مجلس الإدارة، وذلك قبل تاريخ إعلان التخصيص النهائي لأسهم الطرح للمؤسسات المكتتبة والمكتتبين الأفراد من هذه النشرة.
وأشارت إلى أنه سيتم دفع هذه الأرباح إلى الحكومة بصفتها المساهم الوحيد في الشركة، ولن يكون للمستثمرين الذين يكتتبون في أسهم الطرح الحق في الحصول على أي جزء من تلك الأرباح بصرف النظر عن تاريخ دفعها، الذي يمكن أن يكون قبل أو بعد تاريخ إعلان التخصيص النهائي لأسهم الطرح للمؤسسات المكتتبة والمكتتبين الأفراد.
الاقتصاد العالمي
وتعزز الشركة دورًا محوريًّا في السعودية، وفي الاقتصاد العالمي، وتسهم في تلبية الطلب العالمي المتداول على الطاقة، والمحافظة على تأمين الإمدادات العالمية.. إضافة إلى أن أرامكو السعودية ظلت طوال السنوات تسهم في المحافظة على النمو الاقتصادي، وتحقيق الازدهار للمملكة من خلال المساهمات الضريبية المستقرة والموثوق بها، وإيجاد فرص العمل، ودعم النمو المستمر في سلسلة التوريد المحلية ذات المستوى العالي.
ويعد الطرح العام الأولي لأرامكو السعودية خطوة مهمة في سبيل تحقيق رؤية السعودية 2030، والإسهام في خلق المبادرات التي تم تحديدها في برنامج التحول الوطني. ولعل إدراج الشركة في سوق المال السعودي (تداول) دليل على المكانة الدولية بالأسواق المعنية المالية؛ وهو ما يؤكد أن الشركة أصبحت أكثر جاذبية للمستثمرين الأفراد والمؤسسات؛ وهذا راجع إلى سمعتها العالمية المرموقة، بوصفها أكبر شركة في العالم في النفط الخام والغاز، وهي الشركة الرائدة والأكثر استقرارًا وموثوقية في توفير الطاقة للعالم بطريقة آمنة ومستدامة.