تعدّ واقعة إطلاق رجل أعرابي النار على خط أنابيب التابلاين إحدى الوقائع الجنائية الشهيرة التي حدثت في عهد الملك سعود -رحمه الله- حيث تسبب ذلك في حدوث ثقب كبير فيه، وكان الجاني قاصدًا من فعلته علاج إبله المصابة بالجرب، فجرى القبض عليه والحكم بقتله شرعًا؛ نظير جرمه الكبير، وأُعفي عنه لاحقًا، وفقًا لما ذكره الشيخ عبدالله بن جبرين -رحمه الله- في كتابه.
وتعود بنا تفاصيل الواقعة لزيارة الشيخ عبدالله الجبرين -رحمه الله- لمنطقة الحدود الشمالية في رحلة دعوية تعليمية مع بعض طلبة العلم يرأسهم الشيخ أبوحبيب الشثري -رحمه الله- عام 1380هـ، وذلك بتكليف من الملك سعود، والشيخ محمد بن إبراهيم آل شيخ -رحمهما الله تعالى- فكتب الشيخ "الجبرين" مذكرات دوّن فيها مشاهداته، طُبِعَت فيما بعد في كتاب اسمه "العذب الزلال في اختصار رحلة الشمال".
وقال في مذكراته واصفًا خط التابلاين: "هذه الأنبوبة يجري فيها البترول الذي يستخرجونه من المقاطعة الشرقية ويسوقونه إلى الشام، وهناك يصفّونه فيخرج منه فوق الثلثين بنزين ويخرج بعضه زيت وديزل وكاز ونحوها ويقسم هناك، وكانت هذه الأنبوبة كبيرة يمكن للرجل الكبير أن يقف داخلها، وهي في أول الأمر قد دُفِنَت ورُفِعَ سطحها كالقبر، وفي الآخر جُعِلت على وجه الأرض، وفي بعض الأماكن الهابطة يرفعونها بأعمدة من حديد طويلة أو قصيرة على حسب هبوط الأرض، فيمسكونها بتلك الأعمدة وتمسك الأعمدة في الأرض بصبات أسمنت، وكانوا قد استأجروا الأرض التي عليها هذه الأنبوبة بأجرة معلومة للحكومة، وفي كل يوم يبعثون طائرة تسير فوقها وتنظرها مخافة عليها من الانفجار، وهذه الطائرة تقع في كل موطن تريده، وتطير من كل مكان ليس كغيرها، وبها نظارات لا يخفاها شيء في الأرض التي تمر بها، وبها لاسلكي تكلم به مرجعها".
وعن الواقعة الجنائية، ذكر الشيخ "الجبرين" أنه في بعض المرات كان أعرابي قد مرّ بالأنبوبة وحدثته نفسه بكسرها ليأخذ منها زيتًا ليطلي أبله، فأطلق عليها رصاصة فجّرتها، وبعد أخذه ما يريد هرب، وحين مرّت هذه الطائرة رأت هذا الثقب فنزلت، وكان معها قار يلصق في الحديد فسدّت به الكسر، ولو اشتعل هذا البترول لأحرق من على خط الأنابيب، ولما أن ظفروا بهذا الأعرابي بعد أن قطع بلادًا بعيدة حكموا أولًا بقتله، ثم تنازلوا وعفوا عنه.