
جاء موقف المملكة العربية السعودية الرسمي الذي تضمنته تغريدة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله- لتختصر الكثير من المواقف والخطابات والتعليقات على الحادث الإرهابي الأليم الذي لا زال العالم يعيش هول الصدمة من فظاعة الجرم وبشاعة المشهد، فقد قدّم خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- للعالم الوصف المناسب للجريمة البشعة، وأنها "المجزرة الشنيعة" التي استهدفت "المصلين الآمنين" وأنها "عمل إرهابي"، مؤكداً -حفظه الله- على "مسؤولية المجتمع الدولي في مواجهة خطابات الكراهية والإرهاب، التي لا تقرها الأديان ولا قيم التعايش بين الشعوب".
وقال الأستاذ المساعد في قسم القانون بجامعة الحدود الشمالية الدكتور ذياب بن رباح المخلفي لـ"سبق" إنه وبالتأمل في ذلك الموقف القوي الحازم يتضح أنه قد رسم للعالم الطريق المناسب للتعامل مع مثل تلك الجرائم، واعتبارها من أشنع وأبشع الجرائم الإرهابية التي تستهدف الآمنين في أماكن عبادتهم، والتي أجمع العالم كله على محاربتها والتصدي لها ولكل من يتبناها أو يبررها أو يدعمها فكرياً أو مادياً؛ لأن الإرهاب ليس له هوية ولا دين ولا عرق ولا جنس، بل هو جريمة ضد الإنسانية والسلام، ويجب أن يُنسب لكل من يرتكبه أو يحرض عليه أو يبرره.
وأضاف: "الاعتداء على المصلين في المسجدين أثناء أداء الصلاة في نيوزيلندا من أفظع الجرائم الإرهابية التي ارتكبت على مرّ التاريخ، فاجتمع فيها كل أوصاف الجرم الإرهابي الخطير، سواء بشاعة الجريمة وطريقة ارتكابها وجرأة المجرم وفظاعة المشاهد وحرمة المكان الديني ووضع المصلين الآمنين الذين اجتمعوا لأداء شعائر دينهم".
وتابع "المخلفي" أن موقف المملكة الرسمي أكد على مسؤولية المجتمع الدولي في التصدي لمثل هذه الجرائم والتأكيد على الأسباب والمنابع والتي تفرز مثل هذه الجرائم الوحشية والتي تغذيها وعلى وجه الخصوص خطابات الكراهية والإقصاء والإرهاب التي يتبناها بعض الأفراد والجماعات في المجتمعات الغربية وخصوصاً ضد المسلمين.
وأضاف: "يترتب على تلك المسؤولية الدولية تجاه تلك الجريمة الإرهابية أن تُعامل كبقية جرائم الإرهاب الدولي، فلا يكفي ملاحقة المجرمين المرتكبين لها قضائياً والمشاركين فيها بالتحريض أو بالدعم والتأييد أو التبرير، بل يجب أن تتخذ الدول المعنية كافة الإجراءات الكفيلة بتجنيب الأبرياء أن يكونوا ضحايا لمثل تلك الجرائم، كالإجراءات الأمنية الاحترازية لمنع تكرار تلك الاعتداءات على دور العبادة، وأن تبدأ دول العالم بسن قوانين وتشريعات تجرّم الخطابات العنصرية والقومية والعرقية والدينية التي تدعو إلى إقصاء الآخر ونبذه وتبرير الاعتداء عليه وعلى حقوقه التي كفلتها له الأديان والقوانين والأعراف".
وأردف: "كما ينبغي لدول العالم وخصوصاً الدول الغربية التي ينشط فيها في الآونة الأخيرة الخطاب اليميني المتطرف الذي يرى الإسلام والمسلمين خطراً على أوروبا وأمريكا أن تعمل على معالجة هذا الفكر المتطرف ومقاومته عاجلاً حتى لا يتطور هذا الفكر وينشأ عنه صراعات فكرية أو دينية أو قومية ولكي ينعم العالم بالأمن والاستقرار والتعايش السلمي بين شعوبه".
وقال: "يمكن أن تكون المملكة مثالاً تحتذي به الدول الأخرى في محاربة الإرهاب ومقاومة أفكاره، فقد كانت المملكة العربية السعودية من أوائل الدول التي عانت منه وتصدت له بمجموعة من الإجراءات منها الأمنية، ومنها الاستخبارية، وكان الاهتمام الأكبر يكمن في محاربة الأفكار التي تنتج وتغذي مثل هذه النزعات الإجرامية، وبالفعل نجحت المملكة ولله الحمد بعد جهود كبيرة وعمل مخلص ومنسق في وأد هذه الآفة والمرض العضال، وقد حضيت بتقدير دولي وعالمي على تلك النجاحات".