من شرق الكرة الأرضية حيث الريادة اليابانية في صناعة الرسوم المتحركة والقصص المصورة "الأنميشن"، حتى مغربها، وتحديدًا معقل "هوليوود" الأمريكية التي ملأت المعمورة بإنتاجها السينمائي، تجتمع أسماء بارزة في صناعة الإنتاج المرئي هذه الأيام في مبادرة "حكايا مسك" التي ينظمها مركز المبادرات في مؤسسة محمد بن سلمان الخيرية "مسك الخيرية"، وذلك على مساحة تقدر بـ20 ألف متر مربع في مركز الرياض الدولي للمؤتمرات والمعارض.
وفي التفاصيل، جاء ذلك بمشاركة أكثر من 30 جهة محلية وعالمية، منها الحكومية والخاصة. وتتيح "حكايا مسك" رحلة تفاعلية، يتعرف من خلالها الهاوي والمحترف على تفاصيل صناعة الإنتاج المرئي، سواء في مجال الإنتاج المرئي والسينمائي أو الرسوم المتحركة والقصص المصورة التي تقدمها شركة مانجا للإنتاج التابعة لمؤسسة مسك الخيرية بشراكات مع شركات يابانية، التي تستعرض تجاربها في إنتاج أفلام وألعاب كرتونية مليئة بالقيم الإيجابية الهادفة التي تناسب النشء، وتعكس الأصالة التي تتميز بها المجتمعات السعودية، مثل مسلسل كنز الحطاب، وفيلم الرحلة، وغيرهما.
وتهدف "حكايا مسك" إلى استقطاب المواهـب الشابة المحلية في مجالات الإبداع الفني، وتوفير بيئة ملائمة لتطويرها وصقلها، ونقلها إلى مستويات أكثر احترافية من خلال التعاون مع أبرز الجهات العالمية المختصة فــي مختلف المجالات الإبداعية.
وإضافة إلى شركة مانجا التي تُعتبر وجه الإبداع الشرقي بهوية سعودية، تشارك أسماء بارزة من الولايات المتحدة الأمريكية، إضافة إلى أن المعدات المستخدمة في أعمال التصوير المباشرة التي تتم أمام الجمهور تتمتع بالمواصفات ذاتها المطبقة في هوليوود؛ إذ يطلع زوار المبادرة على أحدث التقنيات المستخدمة في صناعة الأفلام من كتابة الفكرة حتى إخراج العمل.
ورش عمل
تشهد مبادرة "حكايا مسك" حضور أبرز الأسماء العربية في مجال صناعة الأفلام، بحضور العديد من الممثلين والمنتجين والمخرجين، لمشاركة تجاربهم وخبراتهم المتراكمة مع زوار الفعالية بأسلوب تفاعلي وحواري، يعتمد على تحفيز الإبداع، وتمكين الأفكار.
ولم تكتفِ فعاليات مبادرة "حكايا مسك" بجمع الخبرات العالمية والمحلية، بل حرصت على نقل التجارب من خلال العديد من الجلسات الحوارية التي تستمر حتى الـ11 من نوفمبر الجاري. وقدمت الفعالية أمس 70 ورشة عمل، استفاد منها آلاف الزوار من الساعة الـ4:30 مساء حتى الـ11 مساء طوال يوم أمس. فيما تستمر الورش حتى الـ11 من نوفمبر الجاري.
تسلسل معرفي
سهّلت مبادرة حكايا مسك على الزوار مرحلة التسلسل المعرفي، من خلال تقسيم المناطق التي تشمل منطقة التحضير للإنتاج، وفيها يستعد الزوار لتأسيس العمل، وضبط تفاصيله قبل الانتقال إلى منطقة ما قبل الإنتاج. ولهذه المنطقة ضوابط عدة، سيخرج الزوار منها وهم على دراية بتفاصيله كافة؛ ما يسهّل عليهم استيعاب ما سيتعلمونه في منطقة الإنتاج، إضافة إلى منطقة ما بعد الإنتاج. وكل هذا التسلسل المعرفي يتم بمشاركة أبرز الشركات العالمية المتخصصة في هذا المجال.
وشهدت المنصة الرئيسة عددًا من الجلسات الحوارية واللقاءات، بدأت بـ"روافيلم"، قدمها فيصل الشبرمي، ونادٍ كتابي، تحدث خلاله عن رواية البؤساء، تبعها جلسة "الدخول إلى عالم صناعة القصص المصورة"، قدمها كريس يو وهو الرئيس التنفيذي لشركة Kadokawa Gempak Starz المتخصصة في نشر القصص المصورة والمانجا، وتحدث خلالها عن كيفية الدخول إلى صناعة القصص المصورة.
ملكية فكرية
وعقدت "حكايا مسك" جلسة حوارية في منصة "خطوات"، تحدث خلالها محمد العمير وعبد العزيز الرويشد من الشركة السعودية لحقوق الملكية الفكرية عن "حماية المحتوى الإبداعي".
وأشار محمد العمير، المدير العام للشركة السعودية لحقوق الملكية الفكرية، إلى أن الملكية الفكرية، مثلها مثل أي ملكية، يمكن شراؤها، وبيعها، وتأجيرها، وترخيصها.. موضحًا أنها كانت في السابق من اختصاص جهات عدة في السعودية؛ فالعلامات التجارية كانت تندرج تحت وزارة التجارة والاستثمار، وحق المؤلف يندرج تحت وزارة الإعلام، وبراءات الاختراع والتصاميم الصناعية كانت تندرج تحت مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، حتى أقر مجلس الوزراء في 2018 إنشاء هيئة مختصة بالملكية الفكرية، تندرج تحتها جميع التخصصات التي تم ذكرها. مؤكدًا أن انتهاك الملكية الفكرية أمر ليس بسيطًا؛ إذ يمس الأمن والصحة والسلامة والاقتصاد.
من جهته، تحدث عبد العزيز الرويشد، الممثل القانوني ومستشار التراخيص بالشركة السعودية لحقوق الملكية الفكرية، عن حقوق المؤلف، وكيفية حفظها، معرفًا في البداية بالمؤلف، وهو كل مبدع وفنان، ابتكر بجهده أيًّا من المصنفات الأصلية أو المشتقة. مشيرًا إلى مجموعة من الخطوات التي لا بد منها لحماية حقوق المبدعين.
واستمرت الجلسات الحوارية بـ"قوة القصة" التي أدارها حكيم جمعة، وضيوفه (ليلي ديجانسي، وقيرث وايلي، وياسر حماد، وعبد العزيز الشلاحي). فيما كانت آخر الجلسات من تقديم الإعلامي السعودي محمد الطميحي وعلي بريشة، وجاءت تحت عنوان "تجربة العمل في الأماكن الخطرة"، إلى جانب جلسة حوارية، قدمها كريس يو، تحدث خلالها عن الدخول إلى عالم صناعة القصص المصورة.
مشاريع ناشئة
وتجمع مبادرة "حكايا مسك" نخبة من المشروعات والتجارب الشبابية الناجحة في مسارات متعددة، تشمل التحضير للإنتاج، وما قبل الإنتاج، والإنتاج، وما بعده، والمنتج الصغير، وسوق حكايا، والأنميشن، والكتابة والرسم، إضافة إلى استضافة عدد من المنصات الإعلامية المعروفة عربيًّا وعالميًّا، وتخصيص جزء لمبدعي التقنية في قسم "حكايا تك"، كما تتيح للموهوبين اقتناء الأدوات والتقنيات المبتكرة، إلى جانب قسم خاص بالمنتج الصغير، ومساحة لعربات الطعام.
وكان للأطفال حضورهم الكبير في قسم المنتج الصغير، وهو واحد من عناصر الفعالية، ومخصص للأطفال. وقد مارس الأطفال في هذا الركن فن الرسم والكتابة والقراءة والتواصل مع بعضهم وسط أجواء تسودها الفرحة، وتعزيز القيم الوطنية.
واحتوى الركن على قسم المؤلف الصغير الذي يتدرب الأطفال فيه على كيفية بناء قصة قصيرة من خيالهم، ثم نقلها إلى الواقع بأسلوب تمثيلي، يتم تنفيذه من خلال مشهد بسيط باستخدام قطع الليجو؛ إذ يخرج الطفل من الورشة ولديه معرفة تامة بكيفية اختيار الغلاف وعنوان قصته، بعدها يتوجه إلى المسرح الرئيسي؛ ليستمتع بمشاهدة مسرح العرائس.
واحتوى ركن المنتج الصغير على ورش عمل، يمارس الأطفال فيها التعرف على أهم القواعد الأساسية لكتابة القصة وفن رسم الشخصيات من خلال تطبيق إلكتروني.
ويتدرب الأطفال في جناح المؤلف الصغير على كيفية بناء قصة قصيرة من خيالهم، ثم نقلها إلى الواقع بأسلوب تمثيلي، يتم تنفيذه من خلال مشهد بسيط باستخدام قطع الليجو؛ إذ يخرج الطفل من الورشة ولديه معرفة تامة بكيفية اختيار الغلاف وعنوان قصته، بعدها يتوجه إلى المسرح الرئيسي ليستمتع بمشاهدة مسرح العرائس.
يُذكر أن "حكايا مسك 2019" تعد إحدى الفعاليات التي تهدف لتشجيع الشباب السعودي، ومساعدتهم على اكتشاف وتمكين قدراتهم في مجالات إبداعية متعددة، تشمل الفنون والتقنية والإنتاج، وصولاً إلى بناء مشاريع خلاقة ذات طابع عالمي حديث، تسهم في دعم التوجه التنموي للمملكة القائم على بناء الإنسان في ظل رؤية 2030.