أطلق مجموعة من الشبان بجبال قبائل آل يحيى التابعة لمحافظة الدائر شرقي جازان أمس، مبادرة جديدة للحفاظ على القلاع والحصون الأثرية لديهم استشعاراً منهم بالمسؤولية تجاه آثارهم، نظراً لما يهددها من عوامل التعرية، وتم البدء بحماية حصن وقلعة مارحة لتصريف مياه الأمطار، وسيتم تسوير الموقع بالكامل للحفاظ عليها والتي تقع في الوسط من قرى الأهالي وهذا العمل هو المرحلة الأولى للمبادرة.
وأوضح قائد فريق المبادرة موسى مصلح اليحيوي، أنه بعد انهيار قلعة وحصن العصيمة بسبب عوامل التعرية وعدم تصريف مياه الأمطار وحمايتها استشعر الجميع أن هنالك خطراً يهدد بقاء بقية القلاع والحصون الأثرية الموجودة لديهم، رغم المناشدات المتكررة للجهات المختصة لحمايتها والمحافظة عليها من الاندثار ولكن دون جدوى.
وقال: "قررنا نحن الشباب إنشاء فريق تطوعي للقيام بمبادرة شاملة للحفاظ على خمس قلاع وحصون تاريخية تسمى قلعة الولجة وقلعة عاتية وقلعة ميزة وقلعة نخلة وقلعة العصيمة، وشارك في المبادرة شبان من الأهالي متخصصون في الهندسة المعمارية وأساتذة باحثين في التاريخ للبحث وتوثيق تاريخها".
وأضاف لـ"سبق": "تم الإعداد لبرنامج عمل يبدأ بدراسة أولوية القلاع الأكثر احتياجاً، ثم إعداد مخطط فني للعمل يشتمل على دراسة التكاليف تتبع تلك الخطوة جمع المبلغ المالي لتأمين المواد".
فيما أوضح مستشار فريق المبادرة الباحث التاريخي والمهتم بالتوثيق التاريخي لآثار محافظة الدائر ببني مالك يحيى شريف المالكي، أن القلاع والحصون الحجرية بآل يحيى التي بناها أجدادهم أثرية تاريخية ولها عمق تاريخي عظيم ولا يتوفر مثيلها نهائياً على مستوى المملكة، كحصون حجرية أثرية ذات طوابق متعددة وأغراض متنوعة تضرب في أعماق التاريخ ولم تزل شاهدة، وهي ذات بناء فريد واختيرت مواقعها بعناية فائقة.
وبين "المالكي"، أنه يتبين النمط العمراني لبعض الحصون والقلاع التاريخية بآل يحيى والرسوم المثبتة عليها والمقابر المجاورة فإنها ترجع للعصر الحميري قبل الميلاد تقريباً، ويعود تاريخ أغلبها إلى ما قبل ٤٠٠٠ سنة، وقد وجدت بعض الوثائق تعيد مشيخة بعض أفراد القلاع للقرن التاسع الهجري.
وأضاف أنها "ذات حضارة معمارية باذخة وهندسة معمارية ملهمة تدل على رخاء عيشها وقوة أهلها وعراقة تاريخها ممتدة على طول جغرافيتها، وقد أعطاها موقعها الجغرافي حصانة طبيعية ضد غزو الجيوش والدول التي حكمت المنطقة منذ الحضارات القديمة كسبأ وحمير، ومع ذلك فقد شيدت فيها الحصون والمساكن متأثرة بطابع تلك العصور في فن العمارة والثقافة الزراعية والدينية".
وناشد "المالكي" المسؤولين في وزارة الثقافة بزيارتها والوقوف عليها والتوجيه باستغلال هذه الكنوز التاريخية الأثرية والحفاظ عليها والعناية بها وتسجيلها في منظمة اليونسكو، خصوصاً أن حالتها أغلبها لازلت جيدة وهي وسط تجمع سكاني متكامل ـ
وقال: "هي إرث شامخ فريد تكوُّن مع مثيلاتها بمحافظة الداير بني مالك (أكبر تجمع للحصون الحجرية الأثرية في العالم) لتكون مزاراً سياحياً ورافداً اقتصادياً وفرصة تنموية واعدة تتناغم ورؤية المملكة 2030".
واختتم "المالكي" حديثه بتوجيه دعوته الخبراء والباحثين والمهتمين بالآثار والتاريخ إلى زيارة هذه القلاع والبحث في تاريخها، وكذلك دعا الإعلاميين بوسائل الاعلام المختلفة إلى زيارتها للتعريف بها وإبرازها محلياً وعالمياً.