تستمر "سبق" في سرد قصص شخصيات، ذُكرت في القرآن الكريم، منها قصة غاية في الحكمة، أنها المرأة التي لم تكن تعلم أن مقامها عند ربها كبير حين اتقته في أمر زوجها، إنها الصحابية "خولة بنت ثعلبة" وزوجها "أوس بن الصامت".
وتفصيلاً، روى عن "خولة بنت ثعلبة" أنها قالت: كنت عنده وكان شيخًا كبيرًا قد ساء خلقه، وقالت: فدخل عليّ يوم فراجعته بشيء، فغضب، فقال: أنت عليّ كظهر أمي، ثم قالت: ثم خرج فجلس في نادي قومه ساعة ثم دخل عليّ فإذا هو يريدني عن نفسي فقلت" كلا والذي نفس خولة بيده لا تخلص إليّ وقد قلت ما قلت حتى يحكم الله ورسوله، ثم خرجت حتى جئت إلى رسول الله فجلست بين يديه فذكرت له ما لقيت منه وجعلت أشكو إليه ما ألقى من سوء خلقه.
قالت: فجعل رسول الله يقول يا خويلة ابن عمك شيخ كبير فاتقي الله فيه، قالت: فوالله ما برحت حتى نزل في قرآن فتغشى رسول الله ما كان يتغشاه ثم سرى عنه فقال لي يا خويلة قد أنزل الله فيك وفى صاحبك قرآنًا ثم قرأ عليّ : "قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ * الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ * وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [المجادلة: 1-4].
قالت: فقال لي رسول الله: مريه فليعتق رقبة، قالت فقلت يا رسول الله ما عنده ما يعتق، قال "فليصم شهرين متتابعين"، فقلت والله إنه لشيخ كبير ما به من صيام، قال: "فليطعم ستين مسكينًا وسقا من تمر" فقلت: والله يا رسول الله ما ذاك عنده، قالت فقال رسول الله: "فإنا سنعينه بعرق من تمر"، قالت: فقلت يا رسول الله وأنا سأعينه بعرق آخر قال: "قد أصبت وأحسنت فاذهبي فتصدقي به عنه ثم استوصي بابن عمك خيرًا.