أحدثت تغريدة القاضي الدكتور عيسى الغيث عبر تويتر الكثير من ردود الأفعال حول زيارة المرأة للمقابر، وطلبه بالسماح لها وفق الضوابط الشرعية. وحقق هاشتاق (السماح بزيارة المرأة للمقابر) أعلى نسبة مشاهدة في الساعات القليلة الماضية.
وجاءت ردود الأفعال متباينة عبر مواقع التواصل؛ فهناك من تبنى حديث الدكتور الغيث باعتبار أنه حق للمرأة زيارة المقابر، وهناك من رفض مستشهدًا بفتوى الشيخ العثيمين - رحمه الله - الذي أوضح خلالها عدم الإجازة للنساء مسترشدًا بلعن النبي - صلى الله عليه وسلم - زائرات القبور.
" سبق" حاولت عرض وجهة نظر الطرفَيْن.
في البداية تساءل الأستاذ الدكتور حسن بن محمد سفر، أستاذ السياسة الشرعية والأنظمة المقارنة بجامعة الملك عبد العزيز والخبير بمجمع الفقه الدولي، حول السبب في خروج المرأة لزيارة القبور، مشيرًا إلى أن التنبيهات النبوية دعت إلى الترحم على الميت، وتشييع الجنازة، ولم يذكر عن أئمة المسلمين تشييع النساء الجثمان إلى المقبرة.. وقال: قد لا تتحمل المصاب الجلل، وتحدث أشياء نهى النبي - عليه الصلاة والسلام – عنها، كلطم الخدود وشق الجيوب.. فالأصل في المنع رحمة بالمرأة، وليس تقليلاً منها.
وردًّا على الحديث الشريف "زوروا المقابر فإنها تذكركم بالآخرة" أجاب قائلاً: "يخاطب الرسول - عليه أفضل الصلاة والسلام - الصحابة ومن جاء بعدهم، ولم يؤثر أي تصريح لمشاركة النساء في الجنازة رأفة بالأمة، كما أن السُّنة النبوية لا يوجد فيها أي مشاركة للمرأة في تشييع الميت".
وتابع: "لا علاقة لهذا بحقوق المرأة وكرامتها، بل حماية وستر وحفظ لحقوقها الخاصة. هناك في مصادر التشريع الإسلامي ما يطلق عليه (ما جرى عليه العمل)، وخروجها الآن مخالف لما جرى عليه العمل في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم –".
أما الفقيه والمفكر الإسلامي عبدالله فدعق فقال: "زيارة النساء للمقابر من الأمور التي لا تحتاج إلى فتوى أو تجديد حكم الشرع فيها". واسترشد بالحديث الشريف الصحيح "لعن الله زائرات القبور". وتابع: "إن هذا الحديث منسوخ بحديث شريف صحيح آخر نصه (كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها)".
وأفاد بأن السيدة عائشة - رضي الله عنها - قد استأذنت النبي - عليه الصلاة والسلام - في أن تزور قبر أخيها، وأذن لها؛ ما يؤكد إباحة الزيارة. كما أن لزيارة القبور فضلاً كبيرًا، وتذكيرًا بالآخرة، والتشييع فيه أجر عظيم بضوابطه المعروفة على الرجال والنساء معًا. متعجبًا من الحديث عن زيارة المرأة للقبور في هذا الوقت!! وهي تقف وتزور شهداء أُحد مثلاً. وأضاف بأن من يقول إن المتقدمين من الفقهاء حرّموا الزيارة للنساء فإن هذا الكلام غير دقيق. وبالتعمق نجد أن داخل كل مذهب آراء مختلفة؛ فمنهم من كره، ومنهم من حرم، ومنهم من أباح للقواعد وليس الشابات.. وهكذا.
وردًّا على من يخشى على المرأة باعتبار أنها أكثر عاطفة أجاب: التصرفات الفردية من عدم الصبر ولطم الخدود وغيرها ليست خاصة بالمرأة فقط، بل العكس؛ فالمرأة قد تكون أكثر صبرًا من الرجال. وكونها أكثر عاطفة فلا يعطينا هذا الحق في منعها من تنفيذ سُنة نبوية.
ورأى فدعق أن هناك مشكلة كبيرة في الثقافة، جعلت نظرة البعض للمرأة وكأنها من كوكب آخر؛ ما جعل الكثير يحكم بالموروثات، وينسى الشرع. فمن قبل كانت المرأة تجلس في المقعد الخلفي بدلاً من الجلوس بجوار ابنها أو زوجها أو أخيها داخل السيارة بسبب العرف وقتها، وصارت المرأة الآن تجلس بجانب زوجها.
وأكد فدعق أن الدين الإسلامي أكبر من أن نخضعه لعاداتنا وموروثاتنا.