إدراج "الحداء" في اليونسكو يُهيّئ لدراسة كل سبل التواصل الشفهية بين الإبل ورعاتها

فيما تزخر المملكة بالفنون غير المادية في كل مناطقها
إدراج "الحداء" في اليونسكو يُهيّئ لدراسة كل سبل التواصل الشفهية بين الإبل ورعاتها
تم النشر في

جمعت الإنسان العربي علاقة وثيقة بالإبل، فهي وسيلة طي الجراهيد الجافة والتنقل بين الصحاري في وقت شحّ المعيشة وصعوبة الحياة لدى جيل الأجداد الأوائل، الذين عانوا قسوة حياة لا يعرفها جيل اليوم مع ثورة التقنية وتعدد وسائل المواصلات، فأوجد اتصالهم المباشر مع الإبل علاقة روحية، وامتدحوا صبرها وجلادة تحملها حتى أسموها: "سفينة الصحراء".

كما نظموا فيها الغزل الشعري فقارنوها بالفتاة الحسناء، فالذاكرة الشعرية الشعبية زاخرة بالفرائد النوادر الشعرية في هذا الباب، من منا لا يعرف حادي العيس والعيطموس وعشرات القصائد في ثناء هذا المخلوق عجيب الخلق الإلهي؛ فنادى الله سبحانه وتعالى بتدبّر بديع تصويرها ودقة خلقها.

هذه الثنائية التناغمية بين البدو الرُّحّل في شبه الجزيرة جعلتهم يخاطبون الإبل وكأنها من ذوات العقل والإدراك، فأصبحوا ينادونها وتعرفهم على بعد مسافات طويلة وتستجيب لهم، عبر فنّ صوتي ذي جرس موسيقي يُسمى "الهوبال"، أو الحداء في الثقافة العربية، فكان وسيلة نداء قطعان الإبل وتوجيهها وحثّها على السير بترانيم موزونة مسجوعة إيقاعًا تنصاع له هذه الحيوانات، يقطعون الطريق، ويشجعون مطاياهم التي يتأثرون لحزنها ويفرحون لبهجتها.

إن تسجيل هذا الفن في اليونسكو يُهيئ للقيام بدراسة شاملة كمشروع ثقافي يبحث أنواع الفنون الغنائية الشفهية التي ابتدعها أبناء البوادي أثناء تعاملهم مع الإبل لتصبح وسيلة تخاطب تطرب له أسماع هذه المخلوقات التي حباها الله صفات غرائزية لافتة؛ كحب صاحبها ومعرفته، وسرعة التأثر والوفاء، خاصة والسعودية اليوم تُنظّم محفلًا سنويًّا عملاقًا للإبل بصفتها عمقًا ثقافيًّا وشيئًا من الهوية العربية؛ فالمملكة تهتم بكل ما يمس هويتها، فالنوق رمز ثقافي، وليست ضربًا من الترف.

وتشكل السعودية باختلاف تضاريسها تنوعًا ثقافيًّا؛ فقد أدرجت اليونسكو سابقًا القط العسيري والمزمار والنخلة وحرف السدو والصقارة والعرضة النجدية؛ ضمن أشكال العناصر التراثية غير المادية، وهذا يعكس المخزون السعودي من التراث والصناعات والهوايات التي تشتهر بها مناطق المملكة، بعضها فنون تقوم على العمل باليدين كالسدو، وأخرى تؤدَّى بالحركات على إيقاعات الطبل وأهزوجات شعبية كالعرضة النجدية.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org