هل صفقات الملقا مقياس؟.. بحث أكاديمي لبناء مؤشرات عالمية للقضاء على تشوّهات سوق العقار

بنفس طريقة مؤشر Case-Shiller للعقارات السكنية الأمريكية والمؤشرات الطبقية في أستراليا
هل صفقات الملقا مقياس؟.. بحث أكاديمي لبناء مؤشرات عالمية للقضاء على تشوّهات سوق العقار

نشرت مجلة إدارة المحفظة العقارية العالمية المتميزة في العقار بحثاً لأكاديمي سعودي لأول مرة على مستوى السوق العقاري في المملكة تتمحور فكرته حول بناء مؤشرات عقارية متطورة دقيقة بنفس طريقة مؤشر Case-Shiller للعقارات السكنية الأمريكية وأيضاً بطريقة المؤشرات الطبقية في أستراليا حيث تقدم قياسات دقيقة تنافس المؤشرات الحالية والتي لم تنجح في التعرف بعد على موجة الارتفاعات في الأسعار التي حصلت خلال السنوات الأخيرة ولم تتناسب مع المرحلة.

وبين البحث الذي نشره الأكاديمي في جامعة الملك سعود أستاذ التمويل والاستثمار والاقتصاد المالي الدكتور سعيد القحطاني، أن غياب المؤشرات الدقيقة كان سبباً رئيساً في التشوّهات والمشكلات التي يعانيها السوق.

صورة غير حقيقية

وجاء في البحث ‏أن الخطر الحقيقي الذي يواجه السوق العقاري اليوم هو عدم استيعاب هذه المؤشرات العقارية الحالية التي تعتبر بدائية وبين أنها تعطي صورة غير حقيقة لصانع القرار الذي قد يستخدم أدوات احترازية ناعمة لكبح الأسعار في سوق عقارية ساخنة لا تتناسب مع المرحلة الحالية.

ولفت إلى أن تقرير البنك المركزي السعودي للاستقرار المالي يشير إلى ارتفاع العقار السكني بنسبة 1% تقريباً بحسب الهيئة العامة للإحصاء ‏بينما تجتمع الدول المتقدمة لمحاولة البحث عن طريقة تخفف من الأزمة المالية التي قد تنشأ بسبب زوال هذه الفقاعات العقارية يكون حديثنا عن صفقات حي الملقا، هل هي معبرة عن حركة الأسعار؟

هدف المؤشر

وقال "القحطاني" ‏الهدف الرئيس لأي مؤشر سعري هو أن يقيس تغير السعر في السوق الناتج من تفاعل الطلب والعرض (فقط) ويستبعد العوامل الأخرى، مثل تغير الجودة والاستهلاك ومقارنة بين عقارات جديدة مع عقارات قديمة بسبب الاستهلاك، ومن ثم يتم استنتاج انخفاض أسعار العقارات، ولاحظ البحث أن المؤشرات الحالية تقيس الاستهلاك في الحقيقة ولا تقيس التغير في قوى الطلب والعرض وأثرها في السعر السوقي.

تستخدم المتوسط

وتابع ‏تم اختبار فاعلية المؤشرات العقارية الحالية المستخدمة في السوق السعودي، وأثبتت نتائج هذا البحث بأنها غير دقيقة. وهي باختصار تستخدم (متوسطات) حسابية سعرية، (رياضياً) تفترض أن كل العقارات متساوية، وأن السعر والموقع وجودة التشطيبات الاستهلاك كلها عوامل غير مهمة في تحديد السعر.

المؤشر الحالي

وأضاف، ‏لذلك هناك أسئلة كثيرة لا تستطيع المؤشرات الحالية الإجابة عليها ومنها على سبيل المثال عندما تختلف تركيبة الصفقات بين الفترات بمعنى أن الصفقات في بداية الفترة كانت للعقارات قديمة وفي نهاية الفترة لعقارات جديدة.

هل ارتفاع هذه المتوسطات السعرية بسبب التغير في السعر السوقي على مستوى السوق أم أنه بسبب تحسن أعمار عقارات العينة؟ ناهيك عن بقية العوامل الأخرى كالموقع وغيرها.

المتوسطات السعرية

‏وتابع القحطاني، لو كانت مثلاً أغلب الصفقات في أحياء الشمال هل مؤشر مدينة الرياض العقاري يعكس حركة الأسعار السوقية على مستوى مدينة الرياض أم أنه فعلياً انعكاس لحركة أسعار شمال الرياض مشيراً إلى استخدام المتوسطات السعرية كمؤشرات عقارية لن ينقل الصورة الحقيقة لتغير الأسعار لافتاً إلى أنه يمكن أن تقوم بنفس الفكرة، ولكن على مستوى جميع مدن المملكة لحساب مؤشر السوق العقاري السكني السعودي، عند استخدام المتوسطات سوف تسأل السؤال نفسه: هل هذا مؤشر عقاري للسعودية ككل؟ أم أنه في الحقيقة مؤشر لمدينة مثل الرياض؟

مؤشر Case-Shiller للعقارات

وقال ‏القحطاني، حتى يتم التغلب على هذه المشكلات ونصل لتغير السعر السوقي فقط، تم تطبيق طريقة مؤشر Case-Shiller للعقارات السكنية الأمريكية وأيضا بطريقة المؤشرات الطبقية في أستراليا في الطريقة الأولى يتم حصر جميع الصفقات التي تمت على نفس العقار ومن ثم يتم حساب العائد لكل صفقة ومن ثم تطبيق نفس العملية على جميع عقارات المدينة وجمعها في تحليل إحصائي لحساب التغير في الصفقات، وفي الطريقة الثانية يتم توزيع أحياء المدينة على شرائح متساوية ومن ثم حساب المتوسط لكل شريحة على حدة ومن ثم يأخذ المتوسط لهذه الشرائح ككل.

نتائج تصل لـ 94%

وبيّن "القحطاني"، أن ‏الجميل هنا هو أن الطريقتين أعطتا نتيجة متقاربة تصل إلى 94% على مستوى المملكة مع العلم أن الطريقة وحجم العينة مختلفة بشكل كبير ما يعني أن الطريقتين أعطتا نتائج تفوق دقتها المتوسطات السعرية الحالية، بحسب هذه الدراسة العلمية.

قوى الطلب والعرض

‏وقال هذا البحث العلمي سوف يساعد على قياس التغير في قوى الطلب والعرض فقط وأثره في السعر السوقي بشكل دقيق ويستبعد العوامل الأخرى غير المهمة، وسوف يمكن الجهات الحكومية والشركات من حساب المؤشرات العقارية بشكل (شهري) ودقيق.

القضاء على التشوّهات

‏وقال كصانع قرار سوف تستخدم الأدوات المناسبة للتعامل مع سوق العقار، بحيث تستخدم أدوات السياسة النقدية بشكل ناعم في منطقة الأسعار المنخفضة والعكس في منطقة الأسعار المرتفعة أيضاً سوف يمكن التعرف والقضاء على التشوّهات والمشكلات الموجودة في السوق.

على سبيل المثال تقرير الاستقرار المالي الأخير يشير إلى ارتفاع 1% تقريبا في أسعار العقارات السكنية بحسب هيئة الإحصاء. كما أنه لا يمكنك القيام بعملية جراحية دون توافر قياسات دقيقة للمؤشرات الحيوية بنفس الفكرة لا يمكنك القيام بمعالجة التشوّهات والمشكلات الموجودة في السوق دون مؤشرات عقارية دقيقة.

استبعاد أثر التضخم

وتابع القحطاني، ‏كمستثمر سوف تمكنك من استخدامها لمعرفة الفرق بين القيمة الحقيقة والأسمية، بمعنى أنك سوف تستطيع استبعاد أثر التضخم ومشاهدة الدورة الاقتصادية لأسعار بشكل دقيق، فتشاهد قمم وقيعان السوق التاريخية. على سبيل المثال عام 2012 في السوق الأمريكي القيمة (الحقيقية) لأسعار العقار السكني الأمريكي كانت مساوية للقيمة الحقيقية في عام 2005 تقريباً، بينما لو نظرت للقيمة الاسمية لنفس الشارت سوف تجد أن القيمة (الاسمية) مضاعفة وفي صعود متواصل بمعنى أن الأسعار قد تكون تضاعفت على مستوى القيمة الأسمية ولكنها قد تكون في قاع تاريخي على مستوى القيمة الحقيقة.

تقليل المخاطر

وأضاف، ‏كبنك أو مؤسسة مالية أو وصناديق الاستثمار العقارية وغيرها تعمل في سوق التمويلات العقارية وتملك محفظة ضخمة من القروض العقارية سوف تحتاج إلى مؤشرات عقارية دقيقة لتقليل مخاطرك بحيث لا يقل التغير في القيمة السوقية للعقارات المرهونة على الرصيد المتبقي للعميل، والبنك المركزي السعودي يلزم البنوك بحساب التغير السعري في هذه المحافظ بشكل كبير.

المستهلك النهائي

وقال ‏للباحثين والاقتصاديين سوف يتمكنون من دراسة العلاقية بين حركة أسعار والعوامل الأخرى وسوف تقدم للمحليين والاقتصاديين وسوف يمكن أن نشاهد تحليلات اقتصادية دقيقة مبنية على رسومات وأرقام بعيداً عن تفسيرات الأحلام.

‏وأكد أن البيانات والمؤشرات العقارية المستخدمة في السوق السعودي كمنصة المؤشرات العقارية التي تركز على الأحياء فقط أفقها ضيق وتركز فقط على المستهلك النهائي ولا تلتفت لباقي الأطراف في السوق: صانع القرار، المستثمر، البنوك، المحلل، مع العلم أن المستهلك النهائي يستطيع استخدام منصات سهيل وحراج ومتون وغيرها ويحصل على معلومات تفصيلية بشكل أفضل.

و‏أخيراً، سوف يفتح هذا البحث العلمي باباً كبيراً لجميع الباحثين وطلاب الدراسات العليا والخبراء والمهتمين بدراسة العلاقة بين أسعار العقار والعوامل الاقتصادية الأخرى، والتعرف على المشكلات التي تواجه السوق العقاري وتقديم الحلول لها.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org