ستكون القمة العربية التي تُعقد اليوم في عروس البحر الأحمر مدينة جدة على الساحل الغربي للسعودية عنوانًا للفرص في مجالات الطاقة التقليدية والمتجددة، وملتقى للتعاون بين المملكة وأشقائها العرب.
ومن المتوقع أن تبحث الرياض مع الدول العربية الشقيقة فرص وسبل التعاون الممكنة في مشروعات الطاقة المختلفة، بما تشمله من تقليدية، ومتجددة، إضافة إلى البتروكيماويات، والنفط، والغاز لتأمين سلاسل الإمداد من خلال العمل على المشروعات المشتركة، وتبادل الخبرات.
فقد أكد وزير الطاقة، الأمير عبد العزيز بن سلمان، أن اهتمام السعودية بالتعاون مع الدول العربية في مجال الطاقة جزءٌ لا يتجزأ من اهتمامها بتعزيز علاقاتها في عمقها العربي في المجالات كافة، مبينًا أن هذا التعاون يتجسَّد في تنسيق العمل العربي المشترك، وفي مشروعات وبرامج ومبادرات كثيرة، وفقًا لما نقلته عنه وكالة الأنباء السعودية "واس".
وأشار إلى أن الرياض وقَّعت مذكرات تفاهم في قطاع الطاقة مع عددٍ من الدول العربية؛ لتعزيز التعاون في مجالات الكهرباء، والطاقة المتجددة، والهيدروجين النظيف، والبترول والغاز، والبتروكيماويات، وغيرها من المجالات ذات العلاقة، متابعًا: "كذلك هناك مشروعات الربط الكهربائي بين السعودية والدول العربية، حيث ترتبط المملكة بجميع دول الخليج عن طريق الربط الخليجي، كما يجري تنفيذ مشروعات الربط المباشر بين السعودية وكلٍ من العراق، والأردن، ومصر".
لا شك فإن المملكة أحد أكبر اللاعبين في أسواق الطاقة، فمنذ اكتشاف أول حقل بترول في مدينة الظهران عام 1938، شكلت الرياض سوقًا مهمًا للطاقة العالمية، ومصدرًا رئيسيًا خصبًا لإمدادات الطاقة على مستوى العالم.
كما أن للمملكة دورًا كبيرًا في مجال الطاقة المتجددة، وذلك مواكبة للتطور، وتفكيرًا في مستقبل الطاقة واستدامتها، وتنويع مصادرها، وللبقاء طويلاً على قمة أسواق الطاقة، فقد أطلقت الرياض البرنامج الوطني للطاقة المتجددة، في تطلّع فاعل إلى توطين سوق الطاقة المتجددة في المملكة مع تحقيق أعلى المعايير العالمية.
ومن خلال هذا البرنامج تعمل المملكة على تنويع مزيج الطاقة الوطني المُستخدم في إنتاج الكهرباء، بزيادة حصة الغاز ومصادر الطاقة المتجددة فيه، حيث تستهدف المملكة تحقيق المزيج الأمثل للطاقة، والأكثر كفاءة والأقل كلفة في إنتاج الكهرباء، وذلك بإزاحة الوقود السائل الذي يستهلك كوقود في إنتاج الكهرباء والتعويض عنه بالغاز ومصادر الطاقة المتجددة، التي سوف تشكل ما يقارب 50 % لكل منهما من مزيج الطاقة لإنتاج الكهرباء بحلول عام 2030.
وفي إطار البرنامج، تعمل وزارة الطاقة السعودية على 15 مشروعًا للطاقة المتجددة، منها 14 مشروعًا للطاقة الشمسية الكهروضوئية، ومشروع لطاقة الرياح، بطاقة إجمالية تبلغ 701 جيجاواط.
وقد تم تشغيل مشروعين من هذه المشروعات، هما مشروع سكاكا للطاقة الشمسية ومشروع دومة الجندل لطاقة الرياح، بطاقة إجمالية تبلغ 700 ميجاواط، ولا يزال العمل قائمًا في مراحل تطوير المشروعات الأخرى، كما يجري العمل، حاليًا، على تطوير وطرح مشروعات مستقبلية، لتحقيق الطاقة المستهدفة.
تلك الريادة التي تتمتع بها الرياض في سوق الطاقة العالمي بشقيه التقليدي والمتجدد تمكنها من مشاركة الفرص الواعدة والممكنة في هذه القطاعات مع أشقائها من الدول العربية.
إذ تقود الرياض ثقافة التغيير نحو الطاقة المتجددة، وتعمل جنبًا إلى جنب مع الدول العربية على تحقيق الاستدامة عبر ذلك القطاع الحيوي، وعلى سبيل المثال فقد عملت المملكة والإمارات من خلال تحالف بين شركتي مصدر الإماراتية مع الشركة الفرنسية إي دي أف على برنامج للطاقة المتجددة، الذي من خلاله بُنيت أول محطة طاقة رياح في المملكة بدومة الجندل بسعة (400) ميجاواط.
كما تتعاون السعودية مع دول عربية أخرى على تطوير برامج وأنشطة مشتركة للطاقة المتجددة، حيث وقعت مع مصر عددًا من مذكرات التفاهم في الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، على هامش زيارة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى القاهرة منتصف العام الماضي.
وشملت تلك الاتفاقيات اتفاقًا بين شركات مصرية وسعودية لتوليد كهرباء من طاقة الرياح، وإنتاج الهيدروجين الأخضر، والتعاون في مجال الطاقة المتجددة والنفط.
وسبق تلك الخطوة، توقيع الرياض والرباط عبر وزير الطاقة، الأمير عبدالعزيز بن سلمان، ووزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة المغربية، ليلى بنعلي، مذكرة تفاهم في مجال الطاقة المتجددة في مايو 2022؛ وذلك لتنمية التعاون وتبادل المعلومات والخبرات في السياسات، والأنظمة التشريعية، والدراسات التمهيدية، وآليات طرح المشروعات، المتعلقة بالقطاع، كما تُعزز جهود توطين سلاسل القيمة، وتُشجّع بحث ومناقشة فرص الاستثمار والتمويل، في البلدين، لدعم جهود توطين الصناعات في مجال الطاقة المتجددة وتطوير مشروعاتها، وتدعم التعاون في مجال البحوث والتطوير، وبناء الكفاءات البشرية في البلدين، في هذا المجال، كما تُشجّع على بحث فرص رفع مستوى التقنيات وتطبيقاتها في مجال الطاقة المتجددة بين البلدين.
كما تتعاون المملكة مع السودان، وجيبوتي، واليمن، وتونس، والعراق في إطار استثماراتها في مجالات الطاقة المتجددة، والاستفادة من المراكز البحثية لدعم جهود تطوير تقنيات إنتاجها.