تزهو كسوة الكعبة المشرّفة بالخط العربي، الذي يعد أحد عناصر الجانب البصري للغة العربية، حيث يتم استخدام خط الثلث الجلي المركب في كتابة الآيات على الكسوة، بأحجام مختلفة وأشكال متعدّدة، حيث يعد هذا النوع من الخط العربي الخط الأنسب والأجمل والأصعب والأكثر طواعية في التشكيل والتنفيذ وإظهار الجمال.
وكُسيت الكعبة المشرفة من الداخل بقماش أخضر كُتب عليه بعض الآيات والأدعية، كتب بخط الثلث ((إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ))، وعبارة "يا حنَّان يا منَّان يا ذا الجلال والإكرام"، وأيضا عبارة "لا إله إلا الله محمد رسول الله".
وتمّت مراسم تغيير كسوة الكعبة المشرفة، بمشاركة 159 صانعاً مؤهلاً من أبناء المملكة، قاموا بصناعتها في مجمع الملك عبدالعزيز لكسوة الكعبة المشرّفة بأيدٍ فنها الإتقان؛ إذ جمعت نسيجها فيما يشبه البنيان المرصوص على مدار 365 يوماً لضمان خروج الكسوة بأعلى درجات الإتقان والجودة.
ومرت مراسم التغيير بمراحل عدة بدأت بالتجهيزات التحضيرية عند الكعبة المشرّفة عقب صلاة عصر يوم 30 /12/ 1445هـ، تضمنت إنزال ستارة باب الكعبة المشرّفة والصمديات والقناديل والحليات، وجاءت المرحلة الثانية بعد صلاة العشاء، حيث نُقلت الكسوة الجديدة من مجمع الملك عبدالعزيز لكسوة الكعبة المشرّفة إلى المسجد الحرام، واستكملت جميع المراحل بتغيير الكسوة بعد الساعة 12 صباحاً غرة المحرم 1446هـ، بمشاركة مسؤولي الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي.
وتمّ تغيير كسوة الكعبة برفع الكسوة الجديدة إلى سطح الكعبة، ثم إنزال الكسوة السابقة تدريجياً وإزالتها، واستعملت في مراسم التغيير 8 رافعات، إلى جانب حواجز بلاستيكية بارتفاع 2.2 م، وعدد شاحنتَين لنقل الكسوة، ونُقلت الكسوة إلى المسجد الحرام وصولاً إلى منطقة المطاف عبر مقطورة طولها 13 متراً.
وأنتجت كسوة الكعبة المشرّفة البالغ ارتفاعها 14 متراً، ووزن 1350 كجم؛ بأفخر أنواع الحرير الطبيعي، وتمّ تطريزها بخيوط من الذهب والفضة، وتضمنت كمية أسلاك فضية بلغت 100 كجم، إضافة إلى 120 كجم من أسلاك الفضة المطلية بالذهب، واستُخدم فيها 1000 كجم من الحرير، ويحوي حزام كسوة الكعبة المشرّفة آيات ويبلغ عرضه من جهة باب الملتزم 85. 11 متر، وبين الركنين 33. 10 متر، وجهة باب إبراهيم 20. 12 متر، وجهة حجر إسماعيل 10. 10 متر، ويبلغ طول الحزام من كل جهة 94 سم، مما يبرز حجم العمل الكبير في تصنيع هذه الكسوة.
وتمر الكسوة بعشر مراحل لإنتاجها بدءاً من قسم التحلية، وقسم الصباغة وفي المختبر تُجرى اختبارات على عيّنات الحرير قبل وبعد الصباغة لضمان مقاومتها للعوامل المناخية، وقوة الشد، ومطابقتها للمواصفات والمقاييس المعتمدة، وفي قسم النسيج الآلي يتم تحويل خيوط الحرير إلى بكرات بوساطة مكائن اللف الآلي، إضافة إلى القسم اليدوي، حيث تُجهز خيوط القطن لحشو الآيات القرآنية والزخارف الإسلامية، وتُجهز الملفات بأسلاك الفضة والفضة المطلية بالذهب، وفي قسم الحزام تُطرز الآيات القرآنية والزخارف بأسلاك الفضة المطلية بالذهب وتُحشى بخيوط القطن لبروز الحروف، ثم تُسلم القطع المذهبة إلى قسم تجميع الكسوة، في وحدة الجودة تُحدد معايير الجودة المطلوبة لجميع المدخلات والمخرجات، مع متابعة ميدانية في جميع أقسام المجمع لضمان مطابقتها للمواصفات، في قسم تجميع الكسوة تُجمع قطع ثوب الكعبة وتُوصل ببعضها.
وتُثبت القطع المذهبة على الكسوة وأخيراً في عملية تلبيس ثوب الكعبة المشرّفة يتم تغيير الكسوة القديمة بالجديدة في اليوم الأول من شهر المحرم، وتُسدَل على جدران الكعبة وتُثبت من الأركان وأسفل الكعبة، مع تركيب ستارة باب الكعبة.
وشاركت في مراسم تغيير كسوة الكعبة المشرّفة، لأول مرة في هذا العام، منسوبات من الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي.
يُذكر أن مراسم تغيير كسوة الكعبة المشرّفة جرت فجر اليوم مع إطلالة العام الهجري الجديد، حيث تابع العالم الإسلامي، في بث مباشر، مراسم تغييرها التي استغرقت أربع ساعات.