تلعب المملكة دورًا كبيرًا ومحوريًّا في تحقيق أهداف اتفاقيات تغير المناخ. وفي الكثير من المناسبات كانت الرياض سباقة إلى قيادة الجهود العالمية الرامية إلى الحد من التغيّر المناخي، وظهر هذا جليًّا في العام الماضي أثناء توليها رئاسة مجموعة العشرين في الرياض، وعملت على اتخاذ قرارات تسهم في حماية البيئة، وحماية التنوع الحيوي، والحد من الانبعاثات.
ومنذ وقت مبكر والمملكة ترى أن التعامل مع الانبعاثات التي تؤثر على المناخ والبيئة يجب أن يأخذ بعين الاعتبار جميع مصادر الانبعاثات على قدم المساواة، وأن يرتكز على الحلول التطويرية التقنية التي تدفع باتجاه رفع كفاءة استهلاك المواد الهيدروكربونية، وتقليل الانبعاثات الصادرة عنها، وتطوير الحلول التي تُسهم في تنقية الهواء والتقاط الكربون ومعالجته.
دولة نفطية
ولأن المملكة دولة نفطية فهي تعتبر حماية البيئة، والمحافظة على استقرار أسواق الطاقة، في قلب التنمية المستدامة، ومن المقاصد الرئيسة في رؤية 2030م. وتتبنى السعودية الخطط الاقتصادية الطموحة لتنويع مصادر الدخل للاقتصاد السعودي المعتمد بشكل أساسي على النفط؛ ولهذا فقد أدرجت المملكة سيناريوهات للتنويع الاقتصادي، مع تحقيق منافع مشتركة للتخفيف من الآثار المترتبة على تغير المناخ، وفق استراتيجية ناجحة لأهداف التنمية المستدامة في الشقين الاقتصادي والبيئي على حد سواء.
ولذلك تعمل المملكة في تشكيل سياساتها على النحو الذي يحمي ثروتها النفطية، ويحسن من كفاءة استهلاكها للطاقة، ويدعم استخدام المزيج الأمثل للطاقة الذي يشمل الاستفادة من الموارد الطبيعية المتجددة.
وتسعى المملكة لتوليد الطاقة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بنحو 9.5 جيجاوات بحلول عام 2023م، والبديلة مثل الطاقة الذرية للمساهمة في مزج الطاقة الوطنية السعودية؛ وذلك لتحقيق أمن واستدامة الطاقة، وحماية البيئة في المملكة. كما تم الإعلان مؤخرًا عن الاتفاق مع البنك الاستثماري "سوفت بنك" لبناء مشروع ضخم للطاقة الشمسية بطاقة إنتاجية تصل إلى 200 جيجاوات.
مشروع نيوم
وشددت المملكة خلال "قمة الرياض 2020" لقادة مجموعة العشرين على الحد من التدهور البيئي، والحفاظ على التنوع الحيوي، والاستخدام المستدام للموارد الطبيعية وإصلاحها، والمحافظة على المحيطات. وشددت على أهمية تشجيع توافر الهواء والماء النظيفَين، والتعامل مع الكوارث الطبيعية والظواهر المناخية الشديدة، وكذلك معالجة التغيّر المناخي ضمن التحديات الملحة لهذا العصر.
اهتمام المملكة بنظافة البيئة من الملوثات دفعها إلى اعتماد مشاريع لإنتاج الطاقة النظيفة، بجانب إنتاجها النفط الأحفوري. وتعد مدينة نيوم، التي أطلق مشروعها سمو ولي العهد، أكبر مشروع من نوعه في العالم. وستكون المدينة إحدى أهم ركائز اقتصاد الطاقة الوطني، كما ستكون -وحدها عند اكتمالها- مصدرًا لربع إنتاج الطاقة الكهربائية في المملكة.
وتحتاج المملكة -حسب التوقعات- إلى 120 جيجاواط من الطاقة في عام 2030، سيأتي 30 جيجاواط منها من مشروعات الطاقة الشمسية في نيوم وحدها. ولهذا تتنافس الدول الكبرى على المشاركة والاستثمار في المشروع؛ الأمر الذي يدل على نجاحه، ويؤكّد الرؤية الثاقبة لسمو ولي العهد، ونظرته الصائبة نحو المستقبل.
الأمونيا النظيفة
مشروع آخر اعتمدته المملكة للحد من الملوثات في المناخ؛ إذ تقوم بإنتاج وتصدير المنتج الجديد من الأمونيا النظيفة، وكذلك استمرار العمل للاستفادة من جميع الانبعاثات كمصدر اقتصادي بمنافع بيئية. كما تعمل المملكة على الاستفادة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لإنتاج طاقة متجددة وخضراء.
ومثل هذه المشاريع تجسد الحجم الكبير للاستثمارات التي تقدمها المملكة عبر مشروعات كبرى؛ لتحقيق مستهدفاتها في هذا المجال. وسعت المملكة منذ وقت طويل لحماية مصالحها الاقتصادية المتمثلة في جزئها الأكبر من مصادر الطاقة الحيوية، وفي الوقت نفسه كانت داعمة ومؤيدة بذكاء لكثير من الاتفاقيات البيئية والمناخية؛ لضمان استدامة اقتصادها من جهة، مع المحافظة على البيئة ومواردها من جهة أخرى. وكل ذلك يأتي انعكاسًا للإرادة السياسية الجازمة في هذا الاتجاه.