يعد "الميناء الجاف" في مدينة الرياض، أول تطور تشهده المملكة في مجال المواصلات والنقل؛ حيث بدأ العمل في إنشاء السكة الحديدية التي تربط بين الرياض والمنطقة الشرقية عبر أحدث القطارات آنذاك في ٩ المحرم عام ١٣٧١هـ.
وكانت بداية التأسيس للمشروع عام ١٣٦٨هـ كأول تطوير تشهده المملكة؛ حيث افتتح في عهد المؤسس -طيب الله ثراه- وكان الهدف الأسمى لإنشاء سكة الحديد هو تسيير القطارات لنقل البضائع التي كانت ترد عبر شاطئ الخليج إلى مدينة الرياض لاعتبار الدمام أقرب نقطة بحرية للعاصمة.
وفي بداية خطة النقل للركاب كانت التقديرات بأنه لا يتجاوز "٥٠ ألف" راكب كل عام، ولكن التقديرات لم تكن في محلها؛ فقد أدلت الإحصاءات بأن عدد الركاب في العام الأول لتسيير القطار بلغ أكثر من ٢٠٠ ألف راكب؛ مما شجع على تطوير هذا المرفق الهام لقطاع النقل والمواصلات.
ويبلغ طول الخط الرئيس لسكة الحديد من الرياض إلى الدمام ٦٥٢ كيلومترًا، وتربط السكة بميناء الدمام بوصلة طولها ١٧ كم، كما توجد فروع أخرى للخط مجموع أطوالها ١٤٠ كم، ومعظمها في المنطقة الشرقية؛ حيث يبلغ طول الخطوط ٥٧٧ كم، وعدد القصبان ١٠٥٣٠٠، يبدأ الخط من الرياض وينتهي بالدمام، ويمر بالمحطات: (ميناء الدمام- الجمرك البري- مدينة الدمام- الظهران- بقيق- الجديدة- الهفوف- حرض- الخرج- الرياض)، والمسافة بين كل محطتين تتراوح بين ٦٨ و ١٧٧ كم.
فقد شهد النقل عبر القطارات إقبالًا كبيرًا رغم وجود النقل الجوي والبري بعد افتتاح خط الرياض-الشرقية السريع؛ مما استدعى تطوير الخدمات وتحديث قطاراتها، فضلاً عن الخدمة الاقتصادية الني تقدمها بنقل البضائع.
ويعتبر الميناء الجاف في الرياض أهم إنجاز حققته مؤسسة السكة الحديدية آنذاك من إقامتها للميناء الجاف في الرياض، الذي خدم حركة الاستيراد وفك اختناقات الموانئ البحرية، وقد افتتح المحطة الجمركية بالرياض آنذاك الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- عندما كان أميرًا للرياض في ٢٠ / ٧ / ١٤٠١هـ؛ حيث بدأت تقدم خدماتها في استقبال القطارات يوميًّا يتم التخليص على حمولتها من البضائع "جمركيًّا" بالرياض.
وتقام المحطة الجمركية "الميناء الجاف" بجوار محطة القطار بالرياض، على مساحة إجمالية تبلغ ٦١٨٦٣٩ مترًا مربعًا، وتحتوي على جميع التسهيلات اللازمة لاستلام المستوردات وفرزها وتخزينها بالطرق الحديثة مع تخليصها جمركيًّا وتسليمها لأصحابها سواء من المحطة الجمركية أو لمستودعاتهم، والأخيرة تعتبر خدمة جديدة متطورة في مجال خدمة الاستيراد والمستوردين؛ حيث جاءت الفكرة لزيادة البضائع وحماية للأفراد وأموالهم من ازدحام الطرق البرية وتعرضهم للحوادث، ولسهولة وصول البضائع من الدمام إلى الرياض بأجور معقولة، ولاستقرار أجور النقل وعدم المغالاة فيها، ولتوفير الجهد والوقت لأصحاب البضائع؛ حيث لا يضطر صاحب البضاعة للسفر إلى الدمام لتخليص البضاعة جمركيًّا.
والميناء الجاف هو ميناء لاستقبال البضائع، ولا يكون بالبحر، وإنما على اليابسة، ويتم النقل إليها عن طريق الشاحنات والقطارات، وكذلك يتم فيها التخزين بالمستودعات وشحن البضائع وصيانة مركبات الشحن والنقل والتخفيف على الموانئ البحرية في حجم المساحة، ويتم بها أيضًا التخليص الجمركي.