ورد في القرآن الكريم قصة أصحاب الفيل في سورة الفيل وقد تعرض لها من حيث تسمية وادي محسر الواقع بين مزدلفة ومنى؛ والحكمة من إسراع المشي فيه، وكذلك بعض العبر والقصص من هذا الوادي.
وحول هذا الموضوع يوضح الدكتور سالم الخامري مدير عام فرع وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بمكة المكرمة في حديثه الخاص لـ"سبق" قصة هذا الوادي من الجانب التاريخي والشرعي قائلاً: من خلال تتبع كتب التاريخ يظهر أن هنالك عدة أوجه في سبب تسمية وادي محسر بذلك؛ وقد ذكرها المحب الطبري وغيره، فقيل: سُمِّي به؛ لأنه حسر فيه فيل أصحاب الفيل، وقيل: سُمِّي به؛ لأنه يحسر سالكيه ويُتعبهم، كما ذكر بعض المؤرخين أن أهل مكة يسمونه (وادي النار) لِما قيل إن رجلاً اصطاد فيه فنزلت نار فأحرقته، وجميع ما ذُكِر من الأوجه في سبب التسمية قد تناقلها كتب التاريخ دون الاستناد فيها إلى مستند قاطع.
وأضاف: وما ذُكِر بخصوص استحباب إسراع السير للحاج في وادي محسر، فهو ثابت في جملة من الأحاديث والآثار الصحيحة، وأما ما ورد بخصوص الحكمة الشرعية من استحباب الإسراع عند المرور به للحاج، وهي كون الوادي المذكور محل نزول عذاب الله على أصحاب الفيل القاصدين هدم البيت، فهذا قد ذكره بعض أهل العلم؛ بناء على ما ثبت في الصحيح من أمر المار على ديار ثمود ونحوهم بالإسراع بالمرور؛ وأن هذه كانت عادة النبي صلى الله عليه وسلم في المواضع التي نزل الله فيها بأسه بأعدائه.
واستطرد: ولكن ذكر الزرقاني والقاري وغيرهما رحمهم الله أن هذا الذي ذُكِر في الحكمة من الإسراع في وادي محسر خلاف الأصح؛ لأن أصحاب الفيل لم يدخلوا الحرم وإنما أُهلكوا قرب أوله، ومن هنا قال بعض أهل العلم: لا أصل للقول بأن وادي محسر موطن لحبس فيل أبرهة؛ وأنه لا يوجد أي مستند صحيح يمكن التعويل عليه؛ وقد تقدم أن المؤرخين ذكروا أوجهًا أخرى لسبب التسمية؛ مما يدل على أنه ليس وجهًا مقطوعًا به.
واختتم حديثه لـ"سبق": ولهذا نص الإمام الشافعي في الأم على احتمال كون إسراعه صلى الله عليه وسلم في وادي محسر لأجل سعة الموضع، وقال المحب الطبري: وهكذا كل من خرج من مضيق إلى فضاء، فالعادة جرت بتحريكه وإسراعه فيه.