تقدمت الجهود المبذولة للتوصل إلى إجماع دولي حول تسوية سلمية دائمة وعادلة للحرب في أوكرانيا أمس السبت بعد مناقشات في المملكة العربية السعودية، جمعت كبار المسؤولين من 42 دولة، بما في ذلك الولايات المتحدة والصين والهند وأوكرانيا.
وفي التفاصيل، عرضت أوكرانيا وداعموها الغربيون المحادثات على أنها محاولة لحشد الدعم العالمي وراء شروط إنهاء الحرب الروسية-الأوكرانية.
وكانت العديد من الدول النامية الكبيرة محايدة إلى حد كبير فيما يتعلق بالصراع، لكن بعد انتهاء المحادثات في جدة قال دبلوماسيون إن هناك قبولاً واسعًا بأن المبادئ المركزية للقانون الدولي، مثل احترام سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها، يجب أن تكون في قلب محادثات السلام المستقبلية بين أوكرانيا وروسيا، وفقًا لتقرير صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية.
وكان هناك اتفاق على إنشاء مجموعة عمل، تركز على التأثير العالمي للحرب، وبدا أن معظم الدول المشاركة، بما في ذلك الصين، مستعدة للاجتماع مرة أخرى في الأسابيع المقبلة بالشكل الحالي، مع عدم حضور روسيا، وفقًا لمصادر أبلغت الصحيفة.
وجاءت محادثات جدة بعد مناقشات أولية في كوبنهاجن في يونيو؛ إذ أكد المسؤولون الأمريكيون والأوروبيون أن المناقشات ليست مفاوضات لإنهاء الصراع، ولن تسعى إلى فرض شروط محددة للتسوية.
وحمل موقع الاجتماع أمس السبت رمزية مهمة؛ إذ دفعت أوكرانيا والولايات المتحدة وأوروبا لتعزيز الدعم لكييف في جنوب الكرة الأرضية.
وقال دبلوماسيون غربيون إن من بين أسباب اختيار السعودية لاستضافة الاجتماع قدرتها على إقناع الصين بالمشاركة؛ إذ تحافظ الرياض وبكين على علاقات وثيقة.
وتحاول المملكة العربية السعودية لعب دور أكبر في الدبلوماسية بشأن أوكرانيا. وقال مسؤول أمريكي رفيع: "هناك الكثير من الفضل والثناء للمضيفين السعوديين ومشاركتهم الدبلوماسية".
وكان الاختلاف الأكبر بين اجتماعات كوبنهاجن وجدة هو أن الحضور في جدة أكثر من ضعف عدد الدول التي حضرت أو انضمت إلى محادثات يوم السبت. وشمل ذلك الدول الأوروبية واليابان وكوريا الجنوبية وإندونيسيا وتركيا وجنوب إفريقيا. والأهم من ذلك، أرسلت الصين، التي دعيت إلى كوبنهاجن لكنها لم تحضر، وفدًا إلى جدة، وفقًا لـ"العربية نت".
وقال دبلوماسيون غربيون إن بكين لعبت دورًا بنَّاء بشكل عام في المحادثات. وقال دبلوماسيون إن الصين باعتبارها أهم حليف خارجي لروسيا يُنظر إليها على أنها حاسمة في تعزيز الدفع وراء المحادثات، ومن المحتمل أن توفر طريقة لتغذية المناقشات ببعض الخطوط الحمراء الروسية.
وضغطت القيادة العليا في المملكة العربية السعودية وأوكرانيا بشدة من أجل حضور بكين.
وخلال المحادثات قدّمت الصين خطة من 12 نقطة لوقف إطلاق النار ومحادثات سلام لإنهاء الحرب، التي أعلنتها لأول مرة في فبراير.
وضغط الدبلوماسيون الأوروبيون للتحذير من أن وقف إطلاق النار غير المشروط يمكن أن يؤدي ببساطة إلى تجميد الصراع، ويسمح لروسيا بتعزيز سيطرتها على الأراضي الأوكرانية.
وقال مصدر مطلع على المناقشات: "لقد تلقوا ردود فعل مباشرة، وكان نقاشًا جيدًا".
وقال مسؤول أمريكي كبير إن مستشار الأمن القومي جيك سوليفان ووكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية فيكتوريا نولاند التقيا على هامش الاجتماع برئيس الوفد الصيني، مبعوث بكين للسلام لي هوي.
وقال دبلوماسيون أيضًا إن بعض الخلافات التي ظهرت في كوبنهاجن تقلصت فيما يبدو.
وفي جدة بدت أوكرانيا والدول المحايدة الرئيسية أكثر حرصًا على السعي للتوصل إلى توافق في الآراء.
وقال مسؤول أوروبي كبير إن أوكرانيا لم تضغط مرة أخرى من أجل قبول خطتها للسلام، وإن الدول الأخرى لم تصر على أن تتخلى كييف عنها.
ولم يكن هناك أي مشاحنات بشأن مطالبة أوكرانيا بانسحاب القوات الروسية.
وقال دبلوماسيان إن أوكرانيا لم تضغط على هذه النقطة، ولم تتحداها الدول النامية.
وتخطط المملكة العربية السعودية لاقتراح مجموعة من مجموعات العمل لقضايا محددة، أُثيرت في خطة السلام الأوكرانية، التي يتطرق بعضها إلى التأثير العالمي للحرب، ويمكن أن يشمل تركيزها على السلامة النووية، والتداعيات البيئية، والأمن الغذائي.. وهو مصدر قلق تم تأكيده في الأيام الأخيرة بانهيار مبادرة حبوب البحر الأسود التي توسطت فيها الأمم المتحدة.