أعتقد أننا حتى اليوم لم نصل بإعلامنا إلى مواكبة التطورات السريعة في هذا المجال.
وسأتحدث هنا عن تلك المنصات الإعلامية التي تعوَّدنا عليها، وكانت مصدرًا حقيقيًّا للخبر والمعلومة.. فعلي سبيل المثال القنوات السعودية المختلفة، من الإخبارية والعامة والرياضية، لا أشاهدها اليوم تواكب العمل الإعلامي بشكل سريع من خلال منصاتها المختلفة، ولا تقدم عملاً مبتكرًا ومختلفًا، ولا تؤسس لمعنى الإعلام الجديد الذي يقوم على أساس العمل التشاركي والتفاعل المستمر بين المنصة الإعلامية والمتلقي.. وأضف لها الإذاعات.
وعلى صعيد الصحف نحن نشاهد اليوم صحفًا إلكترونية تفوقت على الصحف الورقية رغم أنها لا توازيها في عدد سنوات الخبرة والقاعدة الجماهيرية.. فصحفنا الورقية حتى هذا اليوم لم تفعِّل نفسها في قنوات التواصل الإعلامي الجديدة، ولم تسعَ لتطوير أدواتها.. وعجبًا من أنها قبل سنوات كانت تملك نافذة واحدة، هي الورق، وحققت الكثير من النجاحات، واليوم تملك أكثر من نافذة ولا تحقق شيئًا! فليست مشكلتنا اليوم في تطوُّر أدوات الإعلام بقدر أننا نعاني مشكلة مواكبة تلك الأدوات.
ما أستطيع قوله إن إعلامنا يعاني مشكلة إدارة المحتوى الذي يحتاج لعقول تستطيع أن تستوعب المرحلة الحالية، وما سيواكبها من مراحل مقبلة.. وعلى منصاتنا الإعلامية أن تفهم أن صناعة المحتوى هي المهم؛ فليس بعمل صعب أن نقدم برنامجًا أو حوارًا، أو نناقش قضية في شاشة تلفاز أو أثير إذاعة أو صفحات صحيفة.. ولكن المهم كيف نقدمها للمتلقي؟ وكيف نصل له؟ وكيف نجعله جزءًا من هذا العمل وذاك، يتفاعل معه، ويشعر بأنه جزء منه؟ وكيف نقدمه في قالب جذاب؟
فقاعدة الإعلام تقول اليوم كيف تصل للملتقى؟ وليس كيف يصل المتلقي لك؟ هذه هي المعادلة الصحيحة التي يجب أن نعمل جميعًا على تطويرها وتطوير أدواتها.
مؤسسة مسك الخيرية هي من أولى المؤسسات التي تنبهت لهذا الأمر؛ فوضعت العنوان الصعب؛ لنفهم ماذا نريد (التحولات الذكية في صناعة الإعلام).. ومن هنا نعرف أن الذكاء اليوم هو التحوُّل الحقيقي في صناعة الإعلام.
وركزت مؤسسة مسك من خلال المنتدى الذي أقيم في القاهرة على أهمية صناعة المحتوى، وأنه حجر الزاوية الذي لا بد أن نركز عليه، وقدمت أهدافًا خمسة، هي محور التطور. ولو كانت تلك الأهداف محاور عمل في مؤسساتنا الإعلامية المختلفة لقدَّمنا نموذجًا مختلفًا من العمل الإعلامي، يفوق ما قدمناه في السنوات الماضية؛ لذا أختم بالقول: مؤسساتنا الإعلامية مطالَبة اليوم بأن تعيد التفكير في طريقة تعاملها مع أدوات الإعلام، وتغيير طريقة صناعة المحتوى، وأن تفهم أننا نعيش عصر الذكاء الإعلامي.