ما حقيقة وجود الحمقى في هذا العالم، وفي تاريخنا العربي على وجه الخصوص؟ وهل فعلاً يحاربهم السياسيون، ويحاولون طمس حكمتهم وسعة إدراكهم من خلال إلصاق صفة الحمق بهم؟!
هذا ما نجده في بعض كتب السِّيَر حينما تصف شخصًا اشتُهر بحمقه، وفي الغالب تحاول إثبات أن السلطة السياسية تقف خلف مثل تلك الأوصاف؛ إذ تحارب أصحاب الحكمة.. لكن الأعجب أن يصدر الحمق من أهل السياسة، فماذا ستدون كتب التاريخ والسِّيَر لانتزاع الصفة عن الموصوف؟!
في وقت سابق تجرأ وزير الخارجية اللبناني وتهجَّم على السعودية، درع العرب وأمانهم، وتبرأت الحكومة اللبنانية مما قاله، وحاولت تهدئة الوضع ـ رغم أنه قال ما يدور من أحاديث مستترة ـ وحاسبته بالتبرؤ مما قال، وذكر أنه قدم استقالته ليغلق الملف، وكأن التصريحات جهود شخصية لسياسي يجهل حجم الدولة التي تعرَّض لها.
لكن يتكرر الكلام والتعريض بالسعودية من وزير آخر، لم يكن ليكون له تاريخ إعلامي، أصبح على إثره وزيرًا للإعلام، في الحكومة ذاتها التي تتعمد عدم محاسبة ناقلي المخدرات.. هذا والله كثير.
ويزداد الشق اتساعًا؛ فلا يمكن رقعه، حينما يؤكد وزيرهم أنه لم يكن مخطئًا، ولن يقدم أي اعتذار! بغض النظر عن التوقيت الذي أصدر فيه سعادته تصريحه، وإذا ما كان منضمًّا للحكومة وقتها أو لا، فالأهم هو ما يحمله من تصورات أهَّلته ليصبح عضوًا في الحكومة وجزءًا منها.
أخيرًا، ليس غريبًا على مَن سمح للعدو بالتحكم بشعبه، ولم يستطع أن يقف موقفًا صادقًا يحمي فيه بلاده الذي اضطر مغتربوه إلى شراء حليب الأطفال واحتياجاتهم وتصديرها للمحتاجين، في الوقت الذي تقف فيه حكومته متفرجة على مآسي شعبها، ولا تقدم سوى مزيد من الخنوع لعدو العرب الأول. الغريب هو موقف بعض الإخوة الأشقاء من بيان الخارجية السعودية، الذي وجدوه قاسيًا، وردَّة فعل لم تساوِ في مقدارها فعل الآخر!
السعودية العظمى ستبقى عظيمة رغم أنف الجميع، وستبقى كما كانت أمان العرب ودرعهم، ومن يريد الانتساب لغير أصله والخضوع للعدو فهذا شأنه.