قبل أقل من ثلاث سنوات، وبالتزامن مع إعلان "رؤية 2030" في أبريل 2016، تعهد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بأن توفر خطط الرؤية التهيئة المطلوبة للموظف السعودي للدخول إلى سوق العمل، وأكد أن الحكومة تخطط لبناء شراكات مع مؤسسات وشركات القطاع الخاص، بالإضافة إلى الشركات التي ستنشأ بناء على الرؤية، والتي ستكون ملكيتها حكومية بنسبة عالية، سيكون من نتيجتها إجمالاً توفير فرص عمل للسعوديين، وذلك في معرض تفسيره لما تضمنته الرؤية من وضع السيطرة على البطالة ضمن أهدافها الإستراتيجية.
اليوم، وبمطابقة تعهدات ولي العهد على واقع البطالة في السعودية، نجد أن معدل البطالة لإجمالي السعوديين الذكور والإناث 15 سنة فأكثر، بلغ 12 في المئة في الربع الثالث من 2019، وأقل من الربع السابق الذي بلغ معدل البطالة فيه 12.3 في المئة، وفقاً لنشرة سوق العمل التي أصدرتها اليوم (الأحد) الهيئة العامة للإحصاء، وتعطي هاتان النسبتان مؤشراً واضحاً باتجاه الانخفاض، ورغم التحسن الذي يشير إليه انخفاض معدل البطالة إلا أن البيانات التفصيلية تكشف عن الأبعاد الحقيقية للنتائج الحالية، التي حققتها الحكومة في القضاء على البطالة.
تشير بيانات نشرة سوق العمل إلى ارتفاع معدل المشاركة الاقتصادية لإجمالي السعوديين الذكور والإناث 15 سنة فأكثر، إلى 45.5 في المئة في الربع الثالث مقارنةً بـ45 في المئة في الربع السابق، كما تشير البيانات إلى أن معدل البطالة بين السعوديين الذكور وصل حالياً إلى 5.8 في المئة، فيما بلغ مثيله لدى السعوديات 30.8 في المئة بعد أن كان في الربع السابق 31.1 في المئة، ومع الوضع في الاعتبار كبر الشريحة المولدة لطالبي العمل التي تبدأ من سن 15 سنة، كذلك استبعاد القطاعات الأمنية والعسكرية وغير المسجلين في السجلات الإدارية من إحصائية النشر، نجد أن جهود الحكومة في خفض البطالة قد حققت نتائج ملموسة في الواقع.
وعند مضاهاة معدل البطالة في السعودية بنظائره في دول مجموعة العشرين خلال الربع الثالث من 2019، نرى أن المملكة تحتل الحادية عشرة بين دول المجموعة بمعدل 5.5 في المئة، وأنه أقل من مثيله في كل: من كندا التي يبلغ فيها 5.9 في المئة، والهند، وفرنسا التي يبلغ فيها 8.6 في المئة، وإيطاليا، والأرجنتين، والبرازيل، وتركيا التي يبلغ فيها 11.6 في المئة، وجنوب أفريقيا. وبحسب تلك البيانات فإن البطالة آفة تعاني منها اقتصاديات كل الدول بما في ذلك القوى الاقتصادية العظمى في العالم؛ مثل اليابان التي تعاني من معدل بطالة قدره 2.4 في المئة، والولايات المتحدة الأمريكية التي يبلغ معدل البطالة فيها 3.5 في المئة، والصين التي تعاني من بطالة بمقدار 3.6 في المئة.
ومن المؤكد أن النتائج المحققة إلى الآن معالجة البطالة لا تلبي طموحات الحكومة السعودية؛ لأن الهدف الذي تعمل عليه هو تقليصها إلى أقل حد ممكن، ولكن ما توضحه البيانات أن مؤشرات البطالة تأخذ اتجاه الهبوط والتراجع وليس الارتفاع، وهو ما يعني سيطرة خطط "رؤية 2030" على البطالة ووقف استفحالها بالارتفاع، وهنا تكمن قيمة الإنجاز الذي يعد مرحلياً لكنه في الوقت نفسه حلقة في سلسلة انخفاضات ستعقبه خلال السنوات المقبلة، في ضوء مسيرة التنمية التي تشهدها المملكة وتشمل إنشاء مشاريع عملاقة.