اشتهرت "بني سعد" جنوبي الطائف، بزراعة الفواكه المنتجة، ومن أهمها : "العنب والرمان والخوخ والتين (البرشومي)".
والحديث هُنا عن العنب حديثٌ ذو شجون؛ نظرًا لتميزه، وجدواه الاقتصادية، والمعاناة التي يعانيها المزارعون حتى يستوي أكلهُ، وهو أنواعٌ أربعة: أولها "النوع الأبيض"، والمتوفر منه نوعٌ يُعرف بـ"الرازقي" وهذا حبتهُ مستديرة وفاخرة وحالية جدًا، وعناقيدهُ تتراوح في الطول بين عشرين إلى أربعين سم، وتأتي حباتها مسبوكةً لا فراغات بينها، وبياضها جميلٌ جدًا.
والنوع الثاني من العنب هو : "الأبيض البناتي" الذي تكون حباتهُ متباعدةً قليلاً ، ويكون مستطيلاً ومن دون بذر، وعنقودهُ لا يقل عن 25 سم. أما النوع الثالث من العنب فهو: "السوادي"، وله أيضًا نوعان: "قَردي"، وهذا أسود شديد السواد، وحباتهُ متماسكة جدًا، وفيها قسوة، أما النوع الثاني من العنب السوادي، فهو "القردي"، وهذا سوادهُ مُشرب بحمرة وحباته في العنقود أقل تماسكًا من القَردي.
ذلك ما تحدث به وفصلهُ لـ "سبق" المزارع "جمعان السيالي" وقال : "أشجار العنب تُزرع بطريقةٍ مُحكمة في خطوطٍ منتظمة ليسهل تعريشه، والتجول بداخله، والشتلة تبعد عن أختها ثلاثة أمتار على أقل تقدير، ويكون ارتفاع العريش من متر ونصف المتر إلى مترين سواءً كان تعريشهُ بالخشب، أو بالسلك والحديد".
وواصل "السيالي" حديثه مُضيفًا : "أما النوع الثاني من الفواكه فهو الخوخ وهو أربعة أنواع تقريبًا، أولها : "خوخ مشاشي"، وهو الذي تكون حبتهُ شديدة التماسك بالنواة، وهذا يُقال له : "أبو خدين"، لأن حمرتهُ تطغى على صفاره، والثاني: "الخوخ الفكي"، وحمرتهُ أخف من النوع الأول، ويتميز بأمرين، الأول يكون له زنقور يشبه منقار النسر، ويقال له أبو زنقور، وحبته سهلة الفتح والتقسيم باليد، ولهذا عُرف بـ "الفكي". والنوع الثالث والرابع تكون حبتهما أصغر من السابقين، وبياضها مشرب بصفرة، ولا حمرة فيهما".
وقال: "أما النوع الثالث من الفواكه المتوفرة بـ "بني سعد" فهو "التين"، وما أدراك ما التين، فهو ينقسم إلى نوعين:
الأول : "المخري" والمتعارف عليه بـ "الحماط" وتكون حبته فاخرة شديدة السواد، والثاني من أنواع الحماط ما يُعرف بـ "البلس" أو "الوحشي"، وهذا حبتهُ تكون صغيرة وسوادها مشرب بحمرة، والنوع الثالث من التين، هو التين الشوكي الذي يُعرف بـ "البرشومي" وهو نوعان أصفر مشرب بخضرة، وأحمر وردي، أما النوع الرابع من الفواكه المتوفرة ببني سعد، فهو "الرمان"، وهو أنواع ، منها الأحمر الذي يكون لون حباته من الداخل بلون التوت، والأصفر من الخارج، وهذا يكون مكسره أخف حمرة من سابقه، والمراد بالمكسر لون الحبيبات بداخله، ومنه الحلو، ومنه الحامض".
وأردف: "لكل نوعٍ من هذه الفواكه عُشّاق وطلب، وهنالك فواكه أخرى، كالتفاح الأبيض، والسفرجل، والمشمش، والتوت، والبخارة، وغيرها، ولكنها ليست بكثرة الأربعة الأنواع الأولى، وهذا شاهدٌ على ما أودعهُ الله في هذه الأرض من بركة، بعد استرضاع سيدنا محمد فيها "صلى الله عليه وسلم" يدعم ذلك هواءٌ طلق نقي، وماءٌ عذب، وتربةٌ خصبة ، وجهودٌ مستمرة من المزارعين".
ولم يغفل المزارع "السيالي" المعاناة التي يعانيها أهل المنطقة، حيث شُح المياه الذي أصبح عائقًا للزراعة في بني سعد؛ لأن هذه الفواكه لا تتحمل ملوحة أكثر من أربعمائة درجة، حتى وإن أُشيع أنها تتحمل أكثر، وقال : "نحن جربنا وعانينا، والتجربة أكبر برهان، "وما راءٍ كمن سمع والميدان يا حميدان"، كذلك العقبة الثانية التي يعانيها المزارعون هي التسويق الذي يقوم على مجهودات فردية، والإنتاج فترته محدودة إذا استوى لا نستطيع تخزينه، ولا تسويقه، فيتلف منه الكثير، والذي يُكتب له نزول السوق يكون العرض فيه أكثر من الطلب، فيُباع بثمنٍ بخس، والله المستعان".
وأشار الى أن هناك العديد من المشاكل كعدم توفر الأيدي العاملة، ومنع الباعة المتجولين من البيع، وهم مواطنون وبإمكانهم بيع منتجاتهم من سياراتهم، بعيدًا عن سوق الفواكه والخضار، والذي زاد (الطين بِلة)، كذلك غلاء أسعار الوايتات (صهاريج المياه) التي تصل في فصل الصيف إلى ثلاثمائة ريال للوايت الذي حمولته أحد عشر طنًا، فيا ليت الجهات المعنية تنشئ خزانات، وأشياب في السحن بني سعد لسد حاجة المزارعين، والسكان والزوار، خصوصًا أنّ المنطقة أصبحت منطقةً سياحية جذابة يقصدها الزوار من الداخل والخارج؛ لما أودعهُ الله فيها من جمال الطبيعة، ونقاوة الهواء، ولما تتمتع به من معالمٍ وآثار، وحكومتنا الرشيدة لم تألُ جهدًا في خدمة المواطن ولله الحمد.
وتطرق المزارع "السيالي" إلى الأسعار وقال : "أسعار العنب الرازقي الأبيض تتفاوت في السوق على حسب جودتهُ وعبوته، ولكن بالمستوى المتوسط يتراوح بين مئتي ريال سعر الكرتون للعنب الفاخر الذي يزن ثمانية كجم، وبين خمسين للكرتون الذي عنبهُ درجته أقل من الوسط ، أو من الأنواع الأخرى".
وأما عن الرمان فذكر أنه يتراوح، فقد يُباع النوع الفاخر الملكي بأربعمئة ريال للكرتون الإفريقي الذي عبوتهُ تتجاوز عشرة كجم، وينزل في باقي الأنواع، والعبوات إلى أربعين ريالاً للكرتون، وأما الخوخ فسعرهُ لايتجاوز مئة ريال للكرتون الذي عبوتهُ ستة كجم، وينزل إلى عشرين ريالاً على حسب النوع والعبوة، وأما التين (الحماط) الفاخر فسعرهُ يصل سبعين ريالاً، في العبوة التي تصل كيلوين، وينزل على حسب النوع والعبوة إلى عشرة ريالات، والتين الشوكي يصل في بداياته إلى خمسين ريالاً إذا كان فاخرًا وعبوتهُ لاتنقص عن ستة كجم، وينزل إلى خمسة ريالات، أما بقية الفواكه فسعرها يتراوح من عشرة إلى خمسين ريالاً على حسب الجودة والعبوة.
وبيّن أن كل هذه الأسعار مرتبطة بالعرض والطلب، وأما ما يحدث من مبالغات في الأسعار، فهي حالات نادرة، وفي كميات فاخرة محدودة، ومدة زمنية مرتبطة بزبائن خاصين، وهذه حالات نادرة لايُقاس عليها، لافتًا إلى أن كل هذه الفواكه تحتاج إلى ثمانية أو تسعة أشهر من بداية التقليم إلى أن تستوي وتُسوَق.
وتحدث "السيالي" عن الرافد الآخر من روافد الإنتاج بمزارع بني سعد، فهي الخضراوات بأنواعها ورقية وغيرها، وقال: إنها تأتي فاخرة، ولكن لم يُكتب لها التوفيق لعدة أسباب، منها : كساد السوق، وعدم توفر العمالة، وقلة المياه، وغلاء البذور، والأسمدة، والمبيدات الحشرية، والآلات الزراعية، لأن وقتها محدد (صيفية) وكل القرى والهجر تنتج في هذا الوقت، ناهيك بالإنتاج الخارجي.
واختتم حديثه بقوله : "نحن المزارعين نعيش في كبد، ونتجرع المر من الأمور التي ذكرناها، وأجدادنا يقولون:
(إذا تريد الفقر بالراحة اتجه للفلاحة)، مناشدًا بأن تشهد الحركة الزراعية والمزارعين في المنطقة والمحافظة عامةً دعمًا وتطويرًا يتوافق مع رؤية المملكة، وأن تقف الجهة المختصة مع تلك الجهود، وتجتمع بالمزارعين وتستمع لمطالبهم".