عزَّزت المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة تقدُّمها المستمر في البحث والابتكار والتطوير، بتحقيق إنجاز نوعي يُضاف إلى سِجل ابتكاراتها الرائدة في مجال صناعة التحلية، يُمكِّنها من الحصول على براءة اختراع جديدة لطريقة مبتكرة، تستهدف فصل الأملاح والمعادن في مياه الرجيع الملحي.
وتفصيلاً، يهدف الابتكار الجديد إلى تعظيم الاستفادة من المنتجات الثانوية الناتجة من هذه الطريقة في منظومات التناضح العكسي؛ ما يفتح آفاقًا أوسع لتطوير مستقبل صناعة التحلية، ويعزز استثمار المزيد من الفرص الممكنة في هذا المجال؛ إذ تكثف المؤسسة مساعيها في دعم الابتكارات ضمن ثقافة استراتيجية تبنتها لتحقيق أهداف الاستدامة والكفاءة لأعمالها، وتعزيز النمو الاقتصادي من خلال الفرص المغرية في هذه الصناعة.
ويدعم الابتكار المسمى بـ(نظام استخراج المعادن الثمينة عن طريق فصل العناصر ثنائية التكافؤ من مياه الرجيع الملحي) مفهوم الاقتصاد الدائري بصفته أحد أبرز مستهدفات رؤية السعودية 2030 للحفاظ على الأمن المائي والبيئي، وتحقيق النمو المستدام.
ويعمل الابتكار على إزالة الأملاح والمعادن من مياه الرجيع عن طريق استخدام تقنية الترشيح النانوي؛ الأمر الذي يجعل إنتاج محلول كلوريد المغنسيوم عالي النقاوة ممكنًا تقنيًّا واقتصاديًّا؛ ما سينعكس بشكل إيجابي على ازدهار عدد من الصناعات الحيوية، مثل صناعة الأدوية والصناعات العسكرية.
ويتيح الاختراع الاستفادة من محلول كلوريد المغنيسيوم، واستخدامه في إنتاج معدن المغنسيوم بحالته الصلبة بأعلى نقاوة ممكنة، وبجودة تطابق متطلبات عدد من الصناعات الواعدة؛ ليصبح بذلك ملاذًا آمنًا لتلبية حالات الطلب المحلي المتزايد على معدن المغنسيوم، أحد أهم المعادن الثمينة التي تدخل في مكونات مجموعة من الصناعات بالغة الأهمية، مثل صناعة السيارات والطائرات ومكونات الصواريخ.
ويدعم التطبيق التجاري لبراءة اختراع "التحلية" سلسلة القيمة لبعض الصناعات الوطنية؛ بسبب قدرته على نقل الأبحاث من المختبر إلى السوق؛ ومن ثم توفير فرص استثمارية واعدة، تجذب مزيد من الشركاء الاستراتيجيين؛ ما يعزز بدوره نمو صناعة التحلية والازدهار في مجال الابتكار واستحداث التقنيات، إضافة لمساهمته الفاعلة في خفض كلفة إنتاج المياه المحلاة، وخفض استهلاك الطاقة، وتوسيع نطاق الفرص الوظيفية، ودعم وتوطين المحتوى المحلي.
وتمكنت "التحلية" في عام 2022 حتى منتصف 2023، بجهود ذراعها البحثية "معهد الأبحاث والابتكار وتقنيات التحلية"، من التقديم على (21) ملف لبراءة اختراع، في سياق سعيها الدؤوب لتحقيق مستهدفات رؤية السعودية، وتلبية تطلعات القيادة الرشيدة في مجال الابتكار والإبداع والبحث العلمي، بما يعكس اهتمامها وتركيزها على بناء قاعدة قوية من براءات الاختراع، ومواصلة الاستثمار في البحث والتطوير والابتكار، بما يدعم أعمالها، ويقوي قدراتها، ويشيّد بنية متينة مشجعة للأفكار الجديدة، ومعززة للتطوير.
ويقود المعهد دفة الأبحاث في صناعة التحلية؛ للإسهام في تطوير تقنياتها بحلول ابتكارية، استنادًا إلى ريادته في الأبحاث التطبيقية، وخبرته ورصيده المعرفي المتراكم الذي يتجاوز ثلاثة عقود، وبنيته التحتية المثالية لأغراض الأبحاث والاختبار، التي تضم مختبرات متطورة بأحدث التقنيات، ومحطات تجريبية للأغراض البحثية، وأجهزة ومعدات متقدمة في التحليل.
وكانت المؤسسة قد وقّعت عددًا من الاتفاقيات في إطار مبادراتها للاستفادة من مياه الرجيع الملحي، من بينها اتفاقية مع شركة سعودية، واتفاقيتان مع شركتَين صينيتَين، ضمن المرحلة الأولى من مشروع الاستفادة من تعدين مياه الرجيع الملحي من خلال عمليات التحلية الإضافية بكميات 360 ألف متر مكعب يوميًّا لكل شركة، على أن يتم توقيع اتفاقيات مماثلة في المرحلة الثانية لإضافة كميات بنحو 750 ألف متر مكعب يوميًّا في منظومات إنتاج ينبع خلال هذا العام.
وتأتي هذه الاتفاقيات اتساقًا مع توصية مجلس الشورى التي أصدرها أخيرًا، بتمكين "التحلية" من الأدوات التعاقدية التي تتيح استفادتها من الفرص الاستثمارية الدولية في مجالات عدة، منها البحث والابتكار والأمور الأكاديمية وغيرها؛ بما يعزز الريادة العالمية في التقنية والتدريب و الإيرادات غير النفطية.