
قال المستشار الإعلامي، والباحث السياسي، مبارك آل عاتي إنه منذ قيام ثورة الخميني عام 1979م لم يستثن النظام الإيراني أي خطط أو أدوات تحقق له وجود في عالمنا العربي إلا وقد عمد إليها مما أوصل الوضع اليوم إلى مراحل خطيرة جدًا جراء استشراء ذلك التدخل الذي توسعت خططه وتعددت أساليبه .
وأضاف "آل عاتي" لـ"سبق" أن نظام الملالي لم يخف أطماعه التوسعية، حيث صرح عدد من مسؤوليه بذلك علانية، ولعل أكثر تلك التصريحات صراحة ما تفوه به مستشار الرئيس حسن روحاني، علي يونسي، عندما قال: "كل منطقة الشرق الأوسط هي تابعة لإيران، واليوم قد تحققت الإمبراطورية الإيرانية، وعاصمتها بغداد، وهي مركز حضارتنا وثقافتنا وهويتنا كما كان في الماضي وإن شعوب المجاورة لإيران هم بالأصل إيرانيون وانفصلوا عن الإمبراطورية الإيرانية".
وتابع: "إيران تدرك أن العرب ككيان متحد خطر حقيقي قائم ومخيف ضدها وضد أطماعها، وتعتقد أن أي قوة تنشأ في أي دولة عربية من شأنها أن تهددها وتهدد مستقبلها، وتتخوف من أن العرب متى أخذوا بزمام القوة فهم سيكتسحونها رغم سياسة حسن النية التي أبداها العرب كثيرًا مع ذلك النظام".
وأضاف: "لقد هرعت إيران إلى تنفيذ سياسة تعتمد على طول النفس وتستهدف زرع الشقاق وإحداث الفوضى في الدول العربية ليسهل الانتشار فيها والسيطرة على مفاصل القرار بالقوة الناعمة دون تحريك أي جندي، حيث ركزت إيران على تحريك الطائفية بين الشعوب العربية وإذكاء نار التفريق بين الشيعة والسنة وتصوير الشيعة بالمظلومية وأنها حامي حمى الشيعة في العالم، كما عمدت إلى إنشاء جمعيات ظاهرة المساعدات للأيتام والمحرومين، وحقيقتها نشر التشيع الإيراني الفارسي الذي يقوم على ولاية الفقيه، واعتماد المراجع الفارسية كمراجع لشيعة العالم، والقفز على المراجع العربية في كربلاء والنجف حتى يتحقق لها التوجيه الديني والثقافي ومن ثم السياسي".
وتابع: "كما أدرك النظام الإيراني أن أسرع وسيلة للوصول الأفقي للجماهير العربية هو استخدام الإعلام؛ حيث أنشأت ما لا يقل عن 158 قناة تلفزيونية ناطقة باللغة العربية، 95% من هذه القنوات دينية طائفية، وست من هذه القنوات تبث من حيفا عبر القمر الإسرائيلي عموس، وسارع النظام الإيراني إلى تجنيد أسماء عربية وتطويع أخرى بالمال والتجنيد في سبيل خدمة مشروعه الإعلامي، وجند المفكرين والمحللين العرب المؤمنين بعقيدته".
ونبه "آل عاتي" بأن طهران تملك حضورًا إعلاميًا في العالم العربي، وتحديدًا منذ إطلاق قناة العالم الإخبارية وغيرها من القنوات التي تبث من خلالها سمومها في مختلف الدول العربية كالمنار والكوثر، ومع زيادة أهمية التقنيات الرقمية سارع نظام طهران إلى إنشاء مئات الآلاف من الحسابات بالأسماء العربية، وتحديدًا السعودية بهدف إضفاء مصداقية مزعومة، في مسعى لاستهداف الداخل العربي وبشكل أخص المجتمعات الخليجية، وعند اندلاع ما عرف بالربيع العربي 2011 كان التدخل الإيراني في الشأن العربي أكثر وضوحًا، فلطالما حاولت إيران توسيع نفوذها في المنطقة عبر مواجهة سياسية واضحة ومتعرية مع المملكة العربية السعودية" .
وقال: "إيران ترى في السعودية حائط الصد المنيع والعائق الوحيد والأكبر للتوغل في المنطقة، لهذا تكن لها العداء وتحيك الدسائس والمؤامرات والشائعات، ووظفت إيران وسائل التواصل الاجتماعي للتدخل في سياسات دول المنطقة، وجعلت منها وسيلة لاختراق المجتمع السعودي؛ ففي عام 2018 فقط كشف تويتر عن 770 حسابًا تديره إيران، فعمليات التدخل الرقمي هي استراتيجية حديثة تبنتها إيران لممارسة النفوذ في العالم العربي، فهي تحاول من خلال النشر الإلكتروني التلاعب بالرأي العام في العالم العربي والتأثير عليه من خلال نشر الشائعات عبر شبكات التواصل الاجتماعي، مما يعتبر مكملاً لاستراتيجيتها التوسعية التي لم تتوقف، والتي تحاول إيهام المجتمع السعودي بأن تلك الحسابات الوهمية تمثل رأي السعوديين حتى الآن رغم إيقاف الكثير منها".
واختم حديثه بأن "ضعف بعض الأنظمة العربية جعلها عرضة للاختراق الإيراني السهل، فهي تعمد دائمًا استغلال الفراغات السياسية والأمنية، حيث تمكنت من جعل قطر خزنة مال لأهدافها التوسعية، وصنعت من الدوحة محطة تزود مالي لتنظيماتها الإرهابية المنتشرة في العراق وسوريا ولبنان واليمن، بل إن التمدد الإيراني اليوم وصل للدول العربية في الشمال والغرب الإفريقي وتعداه الى أمريكا الجنوبية، مما يؤكد على أن هذا النظام أصبح يمثل تهديدًا على الأمن والسلم الدوليين ويجب اجتثاثه من جذوره.