تتوقّع صحيفة "الاقتصادية" في افتتاحيتها أن تتزايد الضغوط نحو تقليص أيام العمل الأسبوعية إلى أربعة أيام، بعد ظهور نتائج الدراسة البريطانية الأسبوع الماضي، لافتةً إلى أنه من المتوقع أن يجد نموذج العمل الجديد قبولًا كبيرًا بين أكثر من ثلاثة ملايين موظف سعودي في المملكة، وبحكم أن أعمار ثلثيهم دون 35 عامًا.
وتحت عنوان "4 أيام عمل.. ما الجدوى؟" تقول "الاقتصادية" في افتتاحيتها: "من المتوقع أن تتزايد الضغوط نحو تقليص أيام العمل الأسبوعي إلى أربعة أيام؛ بعد ظهور نتائج الدراسة البريطانية الأسبوع الماضي، التي شملت 61 شركة ونحو 2900 موظف، التي جاءت نتائجها مؤيدة لنموذج العمل بواقع أربعة أيام في الأسبوع".
وترصد "الاقتصادية" ما حدث في المملكة، بشأن هذه القضية، وتقول: "احتدت النقاشات حول هذا الموضوع العام الماضي في السعودية في سياق حديث وزير الموارد البشرية عن تطوير نظام العمل، لكن لا يوجد أي توجهات رسمية لدراسة ذلك في السعودية. وبالمقابل أصدرت الإمارات العام الماضي أول تنظيم رسمي لتقليص أيام العمل لما دون خمسة أيام "أربعة أيام ونصف" في الأسبوع على مستوى القطاع العام، وهناك عدد كبير من الدول والشركات ممن لديه تجارب متنوعة لهذا النموذج، الذي يقال إنه يرفع الإنتاجية ويحسن الصحة الجسدية والنفسية للموظفين".
وتستعرض "الاقتصادية" نتائج الدراسة البريطانية، وتقول: "الدراسة البريطانية امتدت إلى ستة أشهر، وخلصت إلى أنه بالفعل هناك جملة من الفوائد للموظفين وللشركات أنفسها، وأن 92 في المائة من هذه الشركات قررت بالفعل الاستمرار بالتجربة، ما يعني اقتناعها بجدواها وربما إقرارها لاحقًا، علمًا بأن 30 في المائة من الشركات في التجربة اعتمدت نموذج العمل الجديد بشكل دائم، الحاجة إلى تقليص أيام العمل تبينت منذ انطلاق الثورة الصناعية والاستفادة من الآلة في تنفيذ الأعمال بلا جهد كبير وبسرعة عالية، ما نتج عنه تقليص الأيام إلى ستة أيام، ومن ثم إلى خمسة أيام، بل إن الاقتصادي البريطاني الشهير جون كينز تنبّأ قبل 90 عامًا بأن يتقلص عدد ساعات العمل الأسبوعية إلى 15 ساعة فقط.
وتضيف "الافتتاحية": "في حديثها إلى صحيفة (الاقتصادية) في وقت سابق تشير الدكتورة إلينا لانسر، الاستشارية السابقة في منظمة العمل الدولية، إلى أن نموذج العمل الجديد يساعد على تحسين الروح المعنوية للموظفين، ويقلل من حالات التغيب عن العمل والإرهاق، ويجعل الموظفين أكثر سعادة وتركيزًا في عملهم، إضافة إلى كون ذلك يساعد على مهمة التوظيف من خلال تقديم نمط عمل مرن يجذب المهنيين الموهوبين ويساعد على الاحتفاظ بهم".
وترصد "الاقتصادية" اختلاف آراء الموظفين بشأن القضية، وتقول: "بشكل عام، أكثر مؤيدي فكرة نموذج العمل الجديد هم صغار السن من الموظفين، ممن عمرهم دون 35 عامًا، الذين يولون أهمية قصوى لموازنة حياتهم بين العمل والمنزل والراحة، بينما بعض الموظفين من كبار السن يقاومون الفكرة تخوفًا من كون ذلك قد يتطلب مزيدًا من الجهود أو زيادة في ساعات العمل اليومية، حيث يحدث في بعض النماذج زيادة ساعات العمل بنصف ساعة يوميًا".
وتضيف "الاقتصادية": "في بعض الحالات هناك أسباب اقتصادية لتقليص أيام العمل، كتوفير تكاليف الطاقة والوقود، إلى جانب أن هناك بعض الدول لديها نقص في العمالة، كما هو حاصل حاليًا في أمريكا وبريطانيا، وبالتالي قد يؤدي تقليص أيام العمل إلى زيادة الموظفين في بعض الحالات، ما سيفاقم من مشكلة التوظيف وتكاليفها الحالية، وبالطبع هناك وظائف، بسبب طبيعتها، لا تقبل تقليص أيام العمل إلا بإيجاد موظفين بديلين، ما يعني ارتفاع التكلفة على تلك الجهات.. ليس بالأمر المستغرب أن ترتفع إنتاجية الشخص عندما تنخفض الفترة اللازمة لإنجاز المهمة، حيث إن كثيرًا من الناس لديهم القدرة على التكيف مع الفترة المتاحة لإنجاز العمل.. أحد القوانين الشيقة لما يعرف بـ"قوانين مورفي"، التي منها مقولة: إن أي شيء ممكن أن يتعطل سيتعطل، وهناك مقولة: إن كل شيء سيتمدد ليشغل كامل الحيز المتاح له، وهذا يشمل المكان والزمان".
وتنهي "الاقتصادية" افتتاحيتها قائلةً: "في السعودية هناك أكثر من مليوني موظف سعودي يعملون في القطاع الخاص، وربما مليون موظف في القطاع الحكومي، وبحكم أن ثلثي السكان أعمارهم دون 35 عامًا، من المتوقع أن يجد نموذج العمل الجديد قبولًا كبيرًا في السعودية، فهل نرى عودة إلى مناقشة عيوب ومزايا نموذج عمل أربعة أيام في الأسبوع؟".