إجازة بلا إجازة..!

إجازة بلا إجازة..!
تم النشر في

مع التطوُّر الصناعي والتقدم الاقتصادي ظهرت الكثير من الاضطرابات النفسية التي نتجت من الرغبة في الإنجاز والتميز في العمل، أو عدم القدرة على التكيف مع طبيعة العمل. وتنوعت تلك الأمراض والاضطرابات التي لم تكن لولا وجود العمل! مع أن الرغبة بالإنجاز أو الاجتهاد في عمل جزءٌ من الطبيعة البشرية؛ إذ يمكن ملاحظة ذلك في الأطفال الصغار الذين يتفاعلون مع ما حولهم للإحساس بوجودهم، كما أن البقاء بلا عمل من أسوأ ما يصيب الإنسان، كما تقول العبارة الشهيرة. ورغم ذلك فإنه يترتب على مثل تلك الحاجات أو الأمور الروتينية أمراض واضطرابات نفسية، قد يُصاب بها الإنسان بشكل تدريجي؛ إذ إن إصابته لا يمكن أن تكون مفاجئة، لكن انشغاله بالعمل ومجاهدته يجعلان تفكيره ينصرف عما يمكن أن تؤول إليه حاله. ومن تلك الأمراض الاحتراق النفسي، أو ما يسمى بالإنهاك المهني. ويحدث أن يصاب المرء به بعد أن يسقط نفسيًّا بسبب تراكمات الضغط، ومحاولات التجاوز، وأحيانًا البحث عن الشغف. وقد أكدت بعض الأبحاث (2018) أن في كل بيئة عمل يتعرض أكثر من 23 إلى 54% من العمال والموظفين إلى الاكتئاب الناتج من التعرض للإرهاق.

وقد أشارت إحصاءات الهيئة التنفيذية البريطانية للصحة والسلامة في بيئات العمل إلى أن 595 ألف شخص في المملكة المتحدة كانوا يعانون الضغوط النفسية المرتبطة ببيئات العمل في 2018.

ومع أن الإنهاك الوظيفي أمرٌ عام، ولا يخص وظيفة دون غيرها، إلا أننا درسنا في كلية التربية مقررًا، أورد أن الاحتراق النفسي أحد الأمراض التي قد يصاب بها المعلمون، إلا أنه من اللافت أن وزارة التعليم تتجاهل أو لا تلتفت لمثل هذا الموضوع مع القرارات المتتالية التي تصدرها لمنسوبيها.

وبظني إن منسوبي التعليم يتمتعون بإجازة اللاإجازة؛ فإجازتهم مملوءة بالترقب للقرارات، ومزدحمة بالتعليمات من عينة ضرورة تحديث البيانات في الأنظمة الحكومية، ورفع طلب النقل، إضافة إلى متابعة حركات النقل.. إلخ. فمن يظن أنه مجاز يجد نفسه ـ على عكس بقية التخصصات الوظيفية ـ مجازًا بدنيًّا غير مجاز ذهنيًّا، فكيف للمرء أن يخرج من دائرة العمل ليأخذ قسطًا من الراحة؟!

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org