

طوّر باحثون تقنية علمية رائدة تمكّن من "ترجمة الأفكار إلى نص مكتوب"، عبر قراءة نشاط الدماغ وتحويله إلى أوصاف لغوية متماسكة، في قفزة نوعية تتجاوز حدود تقنيات قراءة الدماغ الحالية التي تقتصر على تحديد الكلمات أو الأشياء المفردة فقط.
ووفقًا لتقرير نُشر اليوم السبت على موقع "ميديكال إكسبريس"، أوضحت الدراسة أن التقنية تعتمد على نماذج لغوية متقدمة مدعومة بالذكاء الاصطناعي، مدمجة مع التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI)، لتوليد نصوص تصف التجارب والمشاهد والذكريات البصرية بدقة لافتة.
وبخلاف الطرق السابقة التي تعتمد على الشبكات العصبية وتنتج كلمات متفرقة أو غير دقيقة، تستخدم الطريقة الجديدة آلية تحسين تكرارية تعمل على مواءمة سمات النص مع الإشارات العصبية المفكّكة داخل الدماغ، ما يجعل النتائج أكثر ترابطًا ودقة.
وذكرت الدراسة، المنشورة في مجلة "ساينس أدفانسز" (Science Advances)، أن ستة مشاركين خضعوا لتجربة مشاهدة 2196 مقطع فيديو قصيرًا أثناء فحوصات الرنين المغناطيسي الوظيفي، وحققت التقنية دقة تصل إلى 50% في مطابقة الأوصاف المولَّدة مع محتوى الفيديو الفعلي، متجاوزة بذلك دقة الأساليب السابقة.
وأشار فريق البحث إلى أنه مع تكرار المشاهدة، أصبحت الأوصاف التي تولدها التقنية أكثر ترابطًا وتعكس بدقة الجوانب الرئيسة للمقاطع المصوَّرة.
كما نجحت التقنية في قراءة الذكريات واسترجاع المشاهد التي تذكّرها المشاركون لاحقًا، محققة دقة تقارب 40% في تحديد المقاطع الصحيحة من بين مئات المرشحين، ما يُعد تقدمًا مهمًا في مجال فكّ رموز الذاكرة البشرية.
ويرى الباحثون أن هذه التقنية قد تُحدث ثورة في التواصل لضحايا السكتات الدماغية أو من فقدوا القدرة على النطق، إذ يمكن أن تُعيد لهم وسيلة للتعبير عن أفكارهم.
لكنهم شددوا على ضرورة ضمان الخصوصية العقلية والموافقة الأخلاقية قبل اعتماد التقنية على نطاق واسع، مؤكدين أن النهج الجديد "يوازن بين الدقة والشفافية وقابلية التفسير"، بما يمهّد الطريق لفهم أعمق لكيفية تحويل الأفكار غير اللفظية إلى لغة مفهومة.