تناولت الأمثال القرآنية وصفاً لأولئك الذين قاموا بالتوازن بلا إفراط ولا تفريط، حيث كان إنفاقهم باعتدال لا بخل ولا إسراف، وأنها من صفات عباد الرحمن، مُتبعين "خير الأمور أوسطها".
"سبق" وعبر برنامجها الرمضاني "هدايات قرآنية"، تستضيف طوال الشهر الكريم، الباحث الشرعي في الدراسات القرآنية "محمد الذكري"، وتستنبط منه بعضاً من أسرار ومعجزات القرآن الكريم، وتُقدّمها للقارئ عبر سلسلة ومضات يومية لمختارات من بلاغات الإعجاز الإلهي في الأمثال القرآنية.
تناول ضيف الحلقة قول "خير الأمور الوسط"، وأشار إلى أنه من الأمثال الكامنة التي دلت عليها بعض الآيات القرآنية، حيث قال تعالى: "وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَاماً". وعلّق قائلاً: في هذه الآية وصف لعباد الرحمن من أهل الخير والإيمان؛ الذين قاموا بالتوازن بلا إفراط ولا تفريط فقاموا بالواجبات والمستحبات في النفقة، ولم يقعوا في البخل والتعدي.
وأضاف "الذكري"، مستشهداً بما قاله ابن كثير - رحمه الله - في تفسير الآية السابقة "أي ليسوا مبذرين في إنفاقهم، فيصرفوا فوق الحاجة، ولا بخلاء على أهليهم، فيقصروا في حقهم فلا يكفوهم بل عدلاً خياراً، وخير الأمور أوسطها، لا هذا، ولا هذا".
وواصل الباحث الشرعي في الدراسات القرآنية حديثه: من الأمثال المقاربة له قوله - تعالى - "وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَّحْسُوراً". قال ابن جرير الطبري - رحمه الله- "وهذا مثل ضربه الله تبارك وتعالى للممتنع من الإنفاق في الحقوق التي أوجبها في أموال ذوي الأموال، فجعله كالمشدودة يده إلى عنقه، الذي لا يقدر على الأخذ بها والإعطاء".
وأردف بقوله، من فوائد هاتين الآيتين: ذم الإسراف الذي هو صرف الزائد عن حده وحاجته. وأن من صفات عباد الله البعد عن الإسراف والبخل. وكذلك القيام بأداء الواجبات في النفقة من الكرم والطاعة، كما أن تركها من البخل والمعصية. والتوسط والاعتدال يدل على كمال عقله صاحبه، ورجاحة تفكيره. وأخيراً، من مظاهر الاهتداء من وحي هاتين الآيتين أن التدبير نصف المعيشة، ومن اقتسط اليوم سلم من الديون اليوم وغداً.