كل تقدم يتحقق في أي مجال يُعد إنجازًا، ولكن الإنجازات تتفاوت في قيمتها، إذ تقاس قيمة كل إنجاز بحجم النتائج التي يتضمنها، والمملكة لم تتقدم في مؤشر الابتكار العالمي لعام 2022، مرتبة واحدة، أو مرتبتين، أو ثلاث مراتب، أو عشرة مراتب فحسب، بل تقدمت 15 مرتبة دفعة واحدة خلال عام، وهو ما جعل من إنجازها الذي يتضمن في داخله 15 إنجازًا معًا، قفزة أو وثبة كبيرة في مضمار الإنجازات في مجال الابتكار، وهنا يطرح سؤال نفسه: كيف تحقق هذا الإنجاز المعادل لوثبة؟
ومن المؤكد أن تحقيق المملكة لهذا الإنجاز في مؤشر الابتكار العالمي لعام 2022، الصادر عن المنظمة العالمية للملكية الفكرية؛ نتاج لجهود منظمة على صعيدي التخطيط والتطبيق، فهذا الإنجاز نتيجة مباشرة للخطة التي انبثقت عن "التطلُعات والأولويات الوطنية للبحث والتطوير والابتكار في المملكة للعقدين المُقبلين"، التي أعلن عنها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في 30 يونيو 2022؛ بهدف تعزيز تنافسية وريادة المملكة دوليًا، وقد عززت المملكة تنافسيتها بالفعل في ضوء ما أظهره مؤشر الابتكار العالمي.
كما أن هذا الإنجاز يعتبر نتيجة مباشرة أيضًا لتحويل تطلعات وأولويات المملكة في البحث والتطوير والابتكار إلى برامج عمل تُطبق في المجالات الأربعة، التي حددها ولي العهد وهي: صحة الإنسان، واستدامة البيئة والاحتياجات الأساسية، والريادة في الطاقة والصناعة، واقتصاديات المُستقبل، ورغم أن تحقيق المملكة لهذا الإنجاز الابتكاري جدير بالإعجاب، إلا أن الاكتفاء به لا يعطي صورة كاملة عن حجم وأبعاد النهضة، التي تشهدها المملكة في السنوات الأخيرة.
فالمملكة تشهد منذ إعلان "رؤية 2030" في أبريل 2016، نهضة شاملة في كل المجالات، ترتكز على مبادرات وبرامج مبتكرة وطموحة، وهذا الإنجاز الذي حققته المملكة في الابتكار، له نظائر كثيرة في مجالات أخرى، منها احتلال المملكة المرتبة الثانية بين دول مجموعة العشرين من حيث التنافسية الرقمية، ومنها أن الاقتصاد السعودي يعتبر الاقتصاد الأسرع نموًا في العالم منذ 2021، وفقًا لـ"بلومبرغ"، بعد أن حقق نسبة نمو بلغت 8.7 في المائة خلال 2022، ومنها ارتفاع نشاط قطاع الأعمال غير النفطي بالمملكة إلى أعلى مستوى له منذ ثماني سنوات في فبراير الماضي.