انطلقت اليوم أولى جلسات ندوة "الفتوى في الحرمين الشريفين وأثرها في التيسير على قاصديهما" في نسختها الثانية في رحاب المسجد النبوي، والذي رعى انطلاق أعمالها مساء أمس الأمير سلمان بن سلطان بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينة المنورة، بحضور عدد من العلماء، وتنظمها رئاسة الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي بالتعاون مع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء، وبالشراكة الإعلامية مع هيئة وكالة الأنباء السعودية.
وترأّس الجلسةَ الأولى المستشار بالديوان الملكي عضو هيئة كبار العلماء إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد، شكر فيها القيادة على إقامة هذه الندوة والقائمين عليها، وأثرها على قاصدي الحرمين الشريفين.
وجاءت الجلسة الأولى تحت عنوان "الفتوى في الحرمين الشريفين وأثرها على قاصديها- المسجد النبوي أنموذجًا" ومقررها وكيل الرئيس العام لشؤون الدينية بالمسجد النبوي الدكتور محمد بن أحمد الخضير.
وتحدث خلالها المستشار بالديوان الملكي عضو هيئة كبار العلماء عضو اللجنة الدائمة للفتوى الشيخ الدكتور سعد بن ناصر الشثري، عن منزلة الفتوى ومكانتها في الحرمين الشريفين.
وأوضح من خلالها أن المفتي هو الذي يخبر عن حكم الله -عز وجل- لا على جهة الإلزام؛ فليس قاضيًا، وأن المستفتي هو السائل للمفتي عن الأحكام الشرعية.
ثم تَطرق الدكتور الشثري إلى شروط الفتوى، وهي معرفة المفتي بالحكم الشرعي، والمسألة المسؤول عنها معرفة تامة، وألا يستعجل في المسألة فيحكم فيها قبل تمام النظر، وأن يكون المفتي من أهل الاجتهاد الذين توفرت فيهم شروط الاجتهاد.
وأضاف أنه يُشترط لوجوب الفتوى من المفتي شروط؛ منها أن تكون المسألة سبق وقوعها، وأن تكون المسألة مما يتعلق بعمل السائل، وألا يترتب على الفتوى ضرر أكبر، وألا يوجد في ذلك البلد إلا ذلك المفتي، وأن يكون ذهن السائل مما يستوعب هذه المسألة.
من جهته تناول عضو هيئة كبار العلماء، إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ بندر بن عبدالعزيز بليلة، موضوع التيسير في الفتوى وأثره على الزائرين والقواعد الشرعية المتعلقة بالتيسير، والتي يستخدمها الفقهاء فيما يتعلق بأمور المناسك، وزيارة الحرمين الشريفين، وتطبيقاتها المستجدة العديدة.
وأوضح أن الفتوى إذا قامت على أسس صحيحة، من جهة أهلية المفتي للنظر والاستدلال، مع استحضاره لحال المستفتي؛ كانت من أعظم ما يسهل على العباد أمور دينهم ودنياهم، وبخاصة على قاصدي الحرمين الشريفين؛ وذلك لكثرة ما يعرض لهم من المسائل والإشكالات.
وأضاف الشيخ الدكتور بندر بن عبدالعزيز بليلة أن مما ينفع في باب التيسير في الفتوى على قاصدي المسجد الحرام والمسجد النبوي؛ مجموعة من القواعد الفقهية التي ينبغي أن تكون على ذكر واستحضار من المفتي؛ كقاعدة "المشقة تجلب التيسير"، وقاعدة: "لا تكليف إلا بمقدور"، وقاعدة: "الضرورات تبيح المحظورات"، وقاعدة: "الحاجة تنزل منزلة الضرورة".
بينما تَطرق المدرس بالمسجد النبوي الشيخ الدكتور سليمان بن صالح الغصن إلى ضوابط الفتوى في الحرمين الشريفين، وقال إن من ضوابط الفتوى ربطُها بالدليل من الكتاب والسنة؛ بما يجعل المستفتي يدرك أن الفتوى في الحرمين الشريفين تأتي من خلال تحري الدليل الشرعي.
وحول الشروط الأساسية الواجب توفرها في المفتي؛ أوضح الدكتور الغصن وجوب علم المفتي بالكتاب والسنة، والقدرة على التمييز بين صحيح المرويات من ضعيفها، ومعرفة الناسخ والمنسوخ، وأنواع الدلالة، وقواعد فهم الخطاب، ومواطن الإجماع، وغير ذلك من الصفات التي سطرها العلماء في كتبهم.
وبيّن أن من ضوابط الفتوى سلوك منهج الوسط والاعتدال، واليسر ورفع الحرج، والبعد عن التشدد والانحلال، والإفراط والتفريط؛ فهذا هو منهج الإسلام.