لفترة طويلة امتدت على مدار النصف الأول من القرن العشرين، أثارت شخصية الملك عبد العزيز اهتمام أبناء الشعوب العربية، وغيرهم في البلدان الأخرى، الذين تابعوا جهوده في تأسيس المملكة، وقيادتها خلال هذه الفترة التاريخية المهمة التي شهدت اندلاع حربين عالميتين، وميلاد قوى دولية، وزوال أخرى قهرت معظم شعوب العالم، مثل الإمبراطورية البريطانية التي لم تكن تغرب عنها الشمس، وتجاوبًا مع اهتمام أبناء الشعوب العربية في التعرف على المزيد عن شخصية الملك عبد العزيز، سعى الصحفي المصري طاهر الطناحي إلى تلبية هذه الرغبة العربية من خلال حوار أجراه مع الملك فيصل أثناء زيارته إلى القاهرة في يونيو عام 1948.
ونشر الحوار في عدد مجلة المصور الصادر في 18 يونيو، تحت عنوان "أبي.. الملك عبد العزيز"، كما أورد المؤرخ خير الدين الزركلي الحوار في كتابه "شبه الجزيرة في عهد الملك عبد العزيز"، ووصف الملك فيصل في الحوار صفات أبيه القيادية والإنسانية، واستهلّه قائلًا: "ليس من اليسير أن أتحدث عن جلالة والدي الملك؛ لأن ذلك من حق التاريخ وحده، وربما كان غيري أقدر مني على إنصاف رجل عظيم مثله".
وسرد الملك فيصل من صفات أبيه: قوة الإيمان بالله والثقة به، وقوة الإرادة، والحكمة والأناة في معالجة أمور الدولة وتوخي حل المشاكل بالسلم، والتسامح مع الخصوم وعدم ادخار وسع في استخدام المرونة ووسائل اللين وعدم اللجوء للشدة إلا بعد استنفاد هذه الوسائل، واتباع سياسة الحكمة والحزم في إقرار الأمن في أرجاء المملكة، والانتفاع بالعلوم الحديثة.
وعن صفات أُبُوّة الملك عبد العزيز، قال الملك فيصل: "أما جلالة والدي الملك عبد العزيز كأب، فإني أستطيع أن أقول إن كل فرد في شعبه يعتبره أبًا له؛ لما عرف عنه من عنايته بأبناء رعيته، وعطفه الكبير وحنانه الواسع، وإن والدي في تربيته يجمع بين الرحمة والشدة، ولا يفرق بيننا وبين أبناء شعبه، وليس للعدالة عنده ميزانان يزن بأحدهما لأبنائه، ويزن بالآخر لأبناء الشعب؛ فالكل سواء عنده والكل أبناؤه".