كشف البروفيسور بجامعة مانشستر أندرو ماكباين وأحد علماء الأحياء الدقيقة، أن "المجتمع الميكروبي" له أنشطة أخرى مفيدة للصحة؛ حيث لا تشكل العدوى سوى نسبة ضئيلة من الأنشطة التي يشارك فيها، على الرغم من السمعة السيئة للمجتمع الميكروبي وارتباطه بالأمراض المعدية والأوبئة العالمية.
وقال البروفيسور أندرو ماكباين لـ"سبق" بمناسبة اليوم العالمي للصحة: إن العالم يجب أن يعرف أن الكائنات الحية الدقيقة ضرورية للحياة من خلال تدوير المغذيات والعناصر وغيرها من الأنشطة المفيدة، وهذا بالطبع لا ينفي ما تلعبه من دور في العدوى أيضًا.
وأكد "ماكباين" أن الكائنات الحية الدقيقة لها تأثير عميق على صحة الإنسان، سواء المفيدة أو الضارة. وبما أنها موجودة في أجزاء كثيرة من الجسم، غالبًا ما تكون مرتبطة بأسطح الأنسجة، وهي مفيدة في كثير من الحالات.
وأوضح "ماكباين" قائلًا: فعلى سبيل المثال: تتواجد الأغشية الحيوية، وهي عبارة عن تكدس معقد للكائنات المجهرية، على أسطح الأسنان، وقد تكون سببًا في حدوث تسوس الأسنان، إلا أنها تساعد أيضًا في منْع نموّ الكائنات الحية الدقيقة الأكثر خطورة والأكثر ضراوة، كما أنها تتواجد عادةً على الجلد، وفي بصيلات الشعر، والمعدة، والأمعاء الدقيقة، والأمعاء الغليظة، والجهاز التنفسي العلوي، ومختلف بيئات الجسم الأخرى، وتمنع حدوث بعض الأمراض.
فيما أكد الباحث في المايكروبيولوجي نبيل مردد، لـ"سبق": أن المجتمعات الميكروبية تمنع غزو الكائنات الحية الدقيقة المسببة للأمراض وتكوينها في الأوضاع الطبيعية، كما تعمل على منع حالات العدوى الانتهازية مثل مرض القلاع الفموي أو داء المبيضات أو الإسهال وغيرها.
وتابع: في الأمعاء الغليظة يمكن أن تساعد الأنشطة الأيضية للكائنات الحية الدقيقة "البكتيرية بشكل أساسي" في تكسير بقايا الطعام التي يصعب على الجهاز الهضمي التعامل معها، وإنتاج أحماض دهنية قصيرة السلسلة تساهم في تعزيز الصحة والتغذية. يمكن لهذه المجتمعات الميكروبية أيضًا استقلاب الأدوية وإزالة السموم من الجسم".
وذكر الباحثان بعض الأمثلة على الأمراض المعدية التي تسببها الأغشية الميكروبية؛ ومنها تسوس الأسنان الذي يأتي من خلال استقلاب السكر، وكذلك التهابات الجلد، والالتهابات الهضمية والتهابات الجهاز التنفسي، والتهابات البنكرياس والمرارة.
ومن الأمور ذات الصلة بشكل خاص بأمراض الأغشية الميكروبية الالتهابات المرتبطة بالأجهزة الطبية المزروعة بالجسم، والتي يتم استخدامها بشكل متكرر بسبب التقدم في السن والشيخوخة؛ حيث يمكن للكائنات الحية الدقيقة الملتصقة بأسطح الأجهزة الطبية مثل غرسة الورك أو جهاز تنظيم ضربات القلب أو قسطرة تخفيف ضغط سوائل البنكرياس وغيرها، أن تسبب التهابات صامتة يصعب التعرف عليها وتكون مقاومة بشكل خاص للأدوية والمضادات البكتيرية.
وأكد الباحثان على أن التطور البكتيري في مقاومته الشرسة للمضادات الحيوية صفة أساسية للأغشية الحيوية الميكروبية، وسبب هذه المقاومة معقّد للغاية، ولكنه يرتبط بحقيقة أن الكائنات الحية الدقيقة مثبتة بشكل قوي على أسطح الأجهزة الطبية بواسطة مجموعة من المواد التي تنتجها بنفسها؛ لذلك فإن أبحاث علماء الأحياء الدقيقة تركز حاليًّا على تسخير التأثيرات المفيدة للمجتمع الميكروبي ومنع آثاره الضارة؛ حيث يشارك في هذه الأبحاث باحثون وعلماء من المملكة وأمريكا وبريطانيا.