نافل السبيعي- سبق- رماح: مرت كارثة ضحايا مستنقع الموت بالعرمة مرور الكرام، كغيرها من الكوارث, وكأن المسؤولين والجهات المعنية في انتظار كارثة أكبر من مصرع 6 فتيات غرقاً في مستنقع أحدثته كسارة ليتحركوا, خاصة بعدما أكد مسؤول سابق بمياه رماح أن الكسارات ربما تكون هي السبب في الغبار الذي يداهم الرياض على فترات, كاشفاً عن لجنة تعمل على هذا الموقع منذ سنوات ولا يعلم أحد النتائج التي توصلت إليها.
ما بعد الكارثة
وبدورها، تفتح "سبق" ملف ما بعد الكارثة، في محاولة منها للكشف عن سبب وقوعها، ووضع حلول تمنع تكرارها، فمنذ الترخيص من سنوات للكسارات بالعمل في منطقة العرمة التابعة إدارياً لمحافظة رماح، والمشاكل الناتجة عن ذلك تتفاقم سنة بعد أخرى، في ضوء العمل البدائي الذي لا يخضع لإشراف مباشر من الجهة مانحة الترخيص، وهي وزارة البترول والثروة المعدنية أو من جهة مصلحة حماية البيئة.
وتستنجد "العرمة" بمن بيده القرار.. الضرر بلغ البشر والشجر وحتى الحجر. الآلات تعمل ليلاً ونهاراً في تكسير الحجارة الأكبر إلى أصغر، ومن يملكها لا يرغب في أن تتوقف أرباحه، غير عابئ بما ينفذ في الهواء من غبار سام وما يجرف من تربة وما يهلك من نبات.
العرمة اليوم عبارة عن حفر بأعماق كبيرة نتجت عن توالي الحفر وعدم معالجة ذلك، حتى أصبحت هذه الحفر أكثر من أن تعد، وتشكل خطراً في حال امتلأت بالمياه، وتخدع المتنزهين لتصبح حفر موت.
لجنة للتغريم وحصر المستنقعات
قال محافظ رماح فهد المسعود: هذا المستنقع عبارة عن "دركال" نفذته كسارة في العرمة، وقد كلفت لجنة الكسارات بالمحافظة بتغريم صاحب هذه الكسارة، لمخالفته وعدم وضع سياج على هذه الحفرة، كما ستحصر اللجنة جميع المستنقعات بالعرمة، وتكيف من حفرها بأن يطمرها، ومتابعة ذلك من قبلنا شخصياً.
أما المهندس عبدالله السبيعي، مدير مياه محافظة رماح سابقاً، فقال: مخلفات الكسارات من الحجر الجيري أو الكلس، يبطن هذه الحفر، ما يخلخل الماء إلى باطن الأرض ليلوث مع الزمن المياه الجوفية.
وهذا الكلس يجعل باطن هذه الحفر مصيدة لمن جهل هذا الخطر وحاول السباحة.
اللجنة الغامضة
وأضاف: حسب ما أعلم، فإن هناك لجنة مشكلة لدراسة الأثر البيئي لهذه الكسارات، وللأسف هذه اللجنة تعمل من سنوات وما زالت النتائج غير واضحة أو منشورة، وأطلب نشر نتائج عمل هذه اللجنة وما خلصت إليه من تقييم الوضع بيئياً وطبيعياً, وهل التقت بأهالي المحافظة للاستماع إلى شكواهم المريرة من هذه الكسارات، وأشك أن زيادة الغبار في السنوات الأخيرة المنطلق إلى مدينة الرياض، سبب من أسبابه العبث في قشرة أرض العرمة الصلبة، لتظهر التربة الرملية سهلة النقل، أضف إلى ذلك الغبار المنبعث يومياً من الكسارات حيث يبقى جزء منه عالقاً في الهواء بصفة دائمة. لذا لا غرابة أن يصبح جو الرياض مغبراً وغير صافي.
وتابع السبيعي: آمل وعلى وجه السرعة أن تتدخل الجهة المختصة بحماية البيئة، وأطلب إحاطة هيئة "نزاهة" بالأمر والوقوف عليه، إذ لا يقل إفساد البيئة عن أي إفساد آخر، والحل من وجهة نظري الاسترشاد بتقرير اللجنة المشار إليها، وتطبيق الأنظمة في حق من لوث الهواء أو الماء، وأضر بالبشر والبيئة بشكل عام، وتوثيق الأماكن المتضررة سواء بجرفها أو تكديس المخلفات فيها، ومراقبة ذلك عبر الأقمار الصناعية أو باستخدام قوقل إيرثويتم، وخلال المراقبة تُنفذ خطة علاج الضرر وضمان عدم انتشارة.
المعايير الدولية
وطالب السبيعي "بإلزام الكسارات ببناء الخزان المخروطي، أو ما يعرف بالسايلو، وتركيب فلتر ينظف دورياً للإبقاء على كفاءته وأدائه في حجز الغبار وتجميعه وترسيبه في مكان يتيح الاستفادة منه، إضافة إلى التشديد على أن يكون تصريح الكسارة لمشغلها، لا أن يكون هناك عقد من الباطن لتشغيلها، مع ضرورة وضع خطة خلال مدة وجيزة لدمج الكسارات وإعطاء الامتياز لشركة واحدة كبرى تلتزم بالمعايير الدولية في الحفاظ على البيئة، ليسهل كذلك مراقبتها وتقييم عملها ومحاسبتها، بدلاً من متابعة عشرات الكسارات التي تجتهد في خرق القوانين والتربح بشتى الطرق".
ومن جهته، قال المواطن عبدالله بن قرينيس: تقدمنا إلى أمير الرياض قبل فترة من أجل وضع حد لمعاناة أهالي محافظة رماح وزائريها، من تداعيات وجود الكسارات وخلاطات الأسفلت بالقرب من المحافظة، لما ينجم عن وجود هذه الكسارات من أتربة وغبار، محدثاً تلوثاً بيئياً خطيراً، كذلك ما تقوم به هذه الكسارات من رمي نفاياتها كيفما اتفق في الأودية والشعاب وبالقرب من الآبار القديمة، والأكثر خطورة حفر بعض الكسارات الأرض بالقرب من الطريق العام من أجل الاستفادة من التربة، حفراً عميقة وكبيرة تتحول عند هطول الأمطار إلى مستنقعات للمياه تشكل خطورة على المواطنين.