
تعيش المملكة هذه الأيام فرحة ذكرى اليوم الوطني الثالث والتسعين، والتي ارتبطت بأحداث تاريخية غيّرت من مجرى وخارطة الجزيرة العربية، حتى أصبحت جزءًا لا يتجزأ من تاريخ وعراقة وبطولات المملكة العربية السعودية، والتي كانت لبنة أساسها من الملك المؤسس -طيّب الله ثراه- وسار أبناؤه من بعده على هذا النهج المتين، حتى ارتبطت هذه البلاد بمكانة مرموقة، وتحمل اسمًا عالميًا ومؤثرًا في الكثير من المحافل والميادين.
خلّدت قصة ومعركة "استرداد الرياض" التي وقعت قبل 93 عامًا، وتحديدًا عام 1319هـ/ 1902م؛ بالكثير من التفاصيل المصيرية والصعبة في حياة "المؤسس" -طيّب الله ثراه- حيث كان يضع على عاتقيه توحيد المملكة واتساع رقعتها ونموها وازدهارها.
ولأهمية هذا الحدث التاريخي، قدّمت "دارة الملك عبدالعزيز" دراسة توثيقية تتناول رصد الأحداث التاريخية للملك عبدالعزيز وتحركات طريقه إلى الرياض لاستردادها وبدء تأسيس هذا الوطن الذي نعيش في ظله وبين أمنه وأمانه وفي رغد عيشه.
قدّمت "الدارة" عملًا كبيرًا وامتد لمراحل طويلة، وثقت به تلك القصة البطولية والرحلة التاريخية لـ"الملك المؤسس"، وكلّفتْ فريقًا مختصًا لذلك، وحدّدت له بدء الرحلة التوثيقية "من الكويت وصولًا إلى الرياض".
يأتي ذلك في واحدة من أهم المنجزات المهمة والتاريخية التي عمِلت عليها "الدارة" ووثّقت تفاصيلها، بل وخصّصت لها موقعًا إلكترونيًا مصورًا وبه دراسة توثيقية "الطريق إلى الرياض.. دراسة تاريخية وجغرافية لأحداث وتحرّكات الملك عبدالعزيز لاسترداد الرياض" على الرابط .
وأشرف على المشروع التوثيقي "استرداد الرياض"، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، رئيس مجلس إدارة دارة الملك عبدالعزيز، وترأس لجنته أمين عام الدارة المكلّف الدكتور فهد بن عبدالله السماري، بالإضافة لأعضاء هيئة الإعداد والتنفيذ من مختلف القطاعات المشاركة في مساندة نجاح المشروع.
وتكمُن أهمية المشروع، وتهدف إلى رصد الأحداث وتوثيقها، وكذا تحركات الملك عبدالعزيز من "الكويت إلى الرياض"، من خلال الاعتماد على المعلومات المتوافرة في المصادر التاريخية وإجراء الرحلات الاستطلاعية، والمسح الجغرافي والتاريخي للمواقع التي شهدت تلك التحركات، ومقابلة عدد من الرواة والمعاصرين.
وجاءت الحاجة لهذا المشروع نظرًا لما يلمسه الباحث في تاريخ المملكة العربية السعودية من عدم وجود دراسة علمية موسعة لهذه المرحلة التاريخية المهمة، ولا سيما أن ذلك الحدث التاريخي يعد اللبنة الأولى في تأسيس هذا الكيان.
وتكمُن أهمية ذلك في ارتباطه بأحداث تاريخ المملكة في مرحلتها المبكرة، التي تُعد أساسًا لما تلاه من أحداث، بالإضافة لتناول المشروع جانبًا حيويًا من جوانب تاريخ الملك عبدالعزيز، فيما يتعلق باستراتيجيته وسياسته تجاه المواقف والأوضاع التي تواجهه، وأيضًا ما يتعلق جغرافية الأماكن والطرق التي شهدت أحداث تلك التحركات التي نتج عنها "استرداد الرياض".
وحرصت "الدارة" على إعداد دراسة علمية موثقة عن تحركات الملك عبدالعزيز من "الكويت إلى الرياض"، وما واكبها من أحداث، واستقصاء الكتابات والروايات التي تناولت ذلك.
بالإضافة لإجراء مسح ميداني للمواقع الجغرافية والمعالم التاريخية ذات العلاقة ورفعها مساحيًا، وتنفيذ خرائط مساحية لعدد من المواضع الجغرافية وعمل تصوير فوتوغرافي لها، وأخيرًا إجراء دراسة استراتيجية الملك عبدالعزيز وأسلوبه في التعامل مع الأحداث، واتخاذ المواقف اللازمة لإنجاح مهمته برغم الأوضاع والصعوبات التي واجهها.
بدأ تنفيذ المشروع التاريخي، وفق منهج علمي حددت معالمه استنادًا إلى طبيعته ومتطلباته، تمثّلت في رصد المصادر المخطوطة والمطبوعة والشفوية، والوثائق التاريخية، والشعر الشعبي، واستعراض الدراسات السابقة وتحليلها، والقيام برحلات ميدانية استطلاعية لبعض المواضع.
وإجراء عدد من التسجيلات الشفوية مع الرواة، ووضع مخطط تقريبي وأولي لمراحل تحركات الملك عبدالعزيز، بناءً على ما ورد في المصادر، وتنفيذ رحلة ميدانية رئيسة من "الكويت إلى الرياض"، وإجراء الأعمال المساحية والفنية اللازمة، ورصد الجوانب التاريخية والجغرافية لمراحل تحركات الملك عبدالعزيز وتنقلاته نحو "الرياض".
وأيضًا تحليل ما تم التوصل إليه، وإعداد النص التاريخي المدعم بالتعليق والشروحات والخرائط، والصور الفوتوغرافية؛ حيث حرصت "الدارة" في هذا المشروع على جانبين رئيسيين هما الجانب التوثيقي، والجانب الميداني، وكوّنت فريقًا مختصًا للعمل الميداني ما بين أساتذة الجامعات والباحثين في ذلك.