أكد الدكتور زياد بن محمد بن مسفر، المتخصص في الإدارة، والهندسة والقانون أن آلية استرداد مستحقات الدولة الناشئة عن الصكوك الملغاة، والتعويضات المصروفة عن العقارات المنزوعة ملكيتها للمنفعة العامة وسُلّمت لأصحابها وتم إلغاء صكوكها، أو تم صرف تعويض لها بأكثر من قيمتها، جاءت لتتوج الجهود الإصلاحية التي تشهدها الدولة.
وأضاف أن الأمر الملكي أرسى تشكيل لجنة دائمة برئاسة الهيئة العامة لعقارات الدولة، وعضوية ممثلين من وزارات: “الداخلية، والعدل، والبيئة والمياه والزراعة، والشـؤون البلدية والقرويـة والإسكان، والمالية” ومَن ترى اللجنة أهمية مشاركته من الجهات المعنية في شأن الموضـوع، على أن تلتزم بتوفير المعلومات اللازمة لاسترداد قيمة العقارات الملغاة صكوكها أو استرداد التعويضات المصروفة عن العقارات المنزوعة ملكيتها للمنفعة العامة وسلمت لأصحابها وألغيت صكوكها، وأيضًا قيامها بدراسة الحالات التي تعرض عليها في ضوء هذه المعلومات وتقوم بناء على ذلك بتحديد الجهة المختصة بالاسترداد والتحصيل، وإصدار ما يلزم في شأن ذلك.
وبيّن أن الآلية تضمنت في بندها الثاني اعتبار ما يصدر من اللجنة المشكلة أعلاه في شأن المطالبات الناشئة عن الصكوك الملغاة – سواء باسترداد قيمة العقار أو باسترداد التعويضات المصروفة عن العقارات المنزوعة ملكيتها للمنفعة العامة وسلمت لأصحابها وألغيت صكوكها ـ من الأوراق التي لها قوة السند التنفيذي، على أن تكـون مكتوبة على أوراق الدولة الرسمية، وموقعة من أعضاء اللجنة الدائمة ومختومة بختمها.
كما تضمنت أن يخصص المجلس الأعلى للقضاء دائرة أو أكثر في محكمة التنفيذ؛ للنظر في المطالبات الناشئة عن الصكوك الملغاة الصادر في شأنها ما يعد سندًا تنفيذيًا من اللجنة الدائمة المشار إليها وأن تنظر الدائرة في الاعتراضات المقدمة من ذوي الشأن حيال ذلك وفقًا للإجراءات المقررة نظامًا، وذلك إلى حين العمل بنظام التنفيذ أمام ديـوان المظالم.
كما نص الأمر على أن تقوم الجهات الحكومية التي يتبيّن لها أنهـا صـرفت تعويضـًا عـن عـقـار نـُزعـت ملكيته للمنفعة العامة يزيد على قيمته المستحقة، ولم يصدر في شأنه حكم قضائي، بإحالة الموضوع إلى الهيئة العامة لعقارات الدولة؛ لعرضه على اللجنة الدائمة، وذلك للتحقق من وجود الزيادة من عدمها، وفي حال ثبوت الزيادة، تقوم الجهة المعنية - برفع دعوى أمام المحكمة المختصة؛ للمطالبة باسترداد ما زاد على المستحق ممّن صُرفت له.
وأوضح "ابن مسفر" أن الصكوك الملغاة تعود ملكيتها حسب التعليمات لأملاك الدولة ولا تملك وزارة العدل صلاحية تخصيصها لأي جهة حكومية فقد تتابعت أحكام محاكم الاستئناف أخيرًا متضمنةً إلغاء عشرات الصكوك التي قررت الأحكام القضائية مخالفتها الأنظمة والتعليمات، أو حتى تزويرها، لتعود بذلك ملايين الأمتار من مساحات الأراضي إلى حيازة الدولة، بعد أن تم الاستيلاء عليها بطرائق ملتوية وأساليب غير نظامية.
وأضاف: هذا الموضوع الحيوي الحساس كان محلاً لاهتمام خادم الحرمين الشريفين - أيده الله - ومتابعته منذ عدة سنوات، بل قبل توليه - حفظه الله - مقاليد الحكم؛ وذلك لما لمسه الملك من معاناة الدولة عند تنفيذ مشروعات التنمية من شح الأراضي، واضطرار الجهات الحكومية إلى نزع ملكيات ودفع تعويضات باهظة عند إقامة كل مشروع تنموي ضروري، ما أسهم في الزيادة الضخمة لتكاليف المشروعات الحكومية ما نتج عن هذه الجهود الإصلاحية من قرارات إلغاء الصكوك، ومحاكمة من يثبت تورطهم في تزويرها والتلاعب بإجراءاتها، كان بمنزلة الصفعة القاسية، والدرس القاسي لكل من كان له مساهمة في مثل هذه الحيل والألاعيب، وتحذيرًا بليغًا لكل من سار في ركابهم واغترّ بهم .
وبيّن المتخصص في القانون أن قضية إلغاء الصكوك تعد من أكثر القضايا مساسًا بالثروة العقارية، واقتصاد الدولة، ولها تبعات أخرى كثيرة، معقدة، وشائكة ولكن ما نشاهده حاليًا من إجراءات تواجه من ارتكبوا جرائم السطو على الأراضي، والتضييق على الدولة والمواطنين من خلال امتلاك المساحات الشاسعة من العقارات من دون وجه حق، يأتي في قائمة الإصلاحات الضخمة التي قادها وحققها خادم الحرمين الشريفين - أيده الله - بعزيمة وإخلاص وحرص على مصلحة مواطنيه ومستقبل وطنه، إلا أن من واجب الجهات المختصة أن تحفظ هذا الإنجاز .
وحول استئجار المباني من قِبل بعض الجهات الحكومية بمبالغ فلكية قال: هدرت عملية استئجار بعض مقار الدوائر الحكومية والخدمات والمدارس المال العام للدولة على مدى عقود طويلة، كما أضاعت هذه الجهات فرصة بنائها عندما كانت تكلفة البناء منخفضة والأراضي متاحة، وتحديدًا عندما كانت معظم المخططات تحتوي على أراضٍ لإنشاء هذه المقار.
وأضاف: الغريب أن إيجار هذه المباني وصل إلى أرقام فلكية «مئات الملايين»، وبعض ما يحصل الآن لا يمكن فهمه أو تأطيره إلاّ في إطار«الفساد المالي والإداري»، وهو أحد الأدوار المهمة لهيئة مكافحة الفساد» وهي الجهة المناطة بمباشرة هذه القضايا بالنظر في عقود هذه المباني، والأرقام الخيالية التي وصلت إليه وفي حال ثبوت الفساد فإن العقوبات تكون وفق تفاصيل الجريمة وما ترتب عليها وقد تكون ما بين السجن لمدة قد تصل إلى 15 عامًا وغرامات مالية واسترداد الأموال التي تم الحصول عليها من خلال جريمته وقد يدخل في ذلك نظام مكافحة الرشوة وهو نظام يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على 10 سنوات وبغرامة لا تزيد على مليوني ريال .