يبدي الكاتب الصحفي م . طلال القشقري، دهشته واستنكاره أن تنجح المقاهي في المملكة بالشيشة والتدخين، فهذه المقاهي كسب منها المستثمرون وأصابت المستهلكين بالمرض، مطالبًا المستثمرين بأفكار أخرى تعمل على نجاح المقاهي غير التضحية بصحة المواطنين.
وفي مقاله "بالشيشة وحدها نجحت المقاهي!!" بصحيفة "المدينة"، يقول القشقري: "من أكبر الأخطاء الاعتقاد بأنّ قطاع المقاهي لدينا، (لا أقصد الأكشاك المُنتشِرة على الطرق) قد أصاب حظّاً وافراً من النجاح.. ومن النّاس من يعتقدون ذلك بدليل تكاثر عدد هذه المقاهي، وفخامة وحداثة تجهيزاتها وديكوراتها، وغلاء إيجار مبانيها، وتنامي عدد مُرتاديها، وتضاعف ساعات دوامها حتّى تجاوزت أنصاف الليالي بكثير، وتوظيف ثُلّة من المواطنين والمواطنات العاطلين فيها، إلخ إلخ إلخ".
ويعلق "القشقري" قائلاً: "لكن، وفي نفس الوقت، ولو وُجِدَت إحصائية دقيقة، لعرفنا أنّ الشيشة وأخواتها غير العزيزات من المُعسِّلات والسجائر الإلكترونية هي من نجّحت تلكم المقاهي وثبّتت وجودها في المنافسة التجارية، وهناك الكثير من المقاهي التي امتنعت عن تقديم الشيشة قد أعلنت إفلاسها وأغلقت أبوابها، وعندما قبّلها أصحابُها لمستثمرين آخرين نجّحوها بالشيشة وحدها بعد إفلاسٍ وإغلاق".
ويستدرك "القشقري" قائلاً: "هذا من وجهة نظري ليس بالنجاح، فإن عَمّرَت مقاهي الشيشة جيوب المستثمرين بالمال فقد هدمت صحّة مستهلكين كثيرين، وهؤلاء الأخيرين وعند تدهور صحّتهم بعد ذلك بسبب الشيشة وأخواتها تتولّى الدولة علاجهم بشكلٍ مباشر أو غير مباشر، فضلاً عمّا يصيب جهات عملهم من قلّة إنتاج، وتمخّض المشكلات الاجتماعية داخل الأسَر، وكلّ ذلك هو خسائر مبطّنة داخل جدار يبدو رابحاً من خارجه".
ويضيف "القشقري" قائلاً: "أنا لا أُنكِر أهميّة قطاع المقاهي من النواحي التجارية والترفيهية والسياحية والاستثمارية، وهي أحد روافد الاقتصاد الوطني، ومصدر رزق وعمل لآلاف المواطنين والمواطنات، لكن أن يكون معيار نجاحها شبه الأوحد واستمراريتها في المنافسة هو تقديمها للشيشة ففي نفسي شيء من حتّى، كما كان لعالِم اللغة العربية سيبويه شيء في نفسه من هذه الحتّى".
وينهي "القشقري" قائلاً: "هناك الكثير من الأفكار التي يمكن ابتكارها لتنجيح المقاهي بسببها غير التدخين الضار بالصحّة والمجتمع، بيد أنّ المستثمرين انحازوا للطريق الأسهل لكسب المال، وتحوّلت المقاهي إلى ما يشبِه مداخن المصانع، تولّد السموم في صدور مرتاديها، وهؤلاء ينفثونها فيمن حولهم، ويبدو المشهد دخاناً لا يطاق".