أوضح استشاري الغدد الصمّاء وسكري الأطفال بمستشفى جامعة الملك عبدالعزيز بجدة البروفيسور عبدالمعين عيد الأغا؛ أن ابتكار العلماء بقيادة فريق من جامعة سيدني في أستراليا، قرص الأنسولين الفموي الذي يمكن استهلاكه كأي قرصٍ آخر بدلاً من الحقن اليومية سيمثل نقلة نوعية كبيرة لمرضى السكري الذين يستخدمون حقن الأنسولين، في حال نجاح جميع مراحل الدواء وتجاربه على الحيوانات والبشر، والموافقة عليه من الجهات الصحية الرسمية العالمية، وفي ذلك تخفيف الكثير من معاناتهم اليومية مع حقن الأنسولين.
وأشار إلى أن مثل هذه الابتكارات المرتبطة بصحة المرضى تحتاج إلى سنوات من التجارب على حيوانات التجارب وبعدها على البشر إلى أن ترى النور، فلا يزال هناك الكثير من التحديات أمام فريق الابتكار حتى يتم الإعلان عن الصيغة النهائية للدواء واعتماده.
وتابع: وفق معطيات وتصريح فريق الابتكار لدواء الأنسولين لم يكن الأمر سهلاً أمامهم، إذ اختبروا الدواء على حيوانات التجارب وكانت المؤشرات إيجابية، فقد تمّ تصنيع الأنسولين الفموي الجديد باستخدام مادة نانوية صغيرة الحجم بشكلٍ لا يصدق، نحو 1/10000 من عرض شعرة الإنسان، فهذه المادة النانوية تحمي جزيئات الأنسولين من حمض المعدة، وهذه المادة الفريدة تقوم بأكثر من مجرد إنشاء حاجز وقائي، حيث إنها تحيط بجزيئات الأنسولين الفردية وتصبح بمنزلة "حامل نانوي" لهذه الجزيئات؛ ما يسمح لها بالوصول إلى المواقع في الجسم التي تكون في أمسّ الحاجة إليها.
وأضاف: وفقاً لفريق الابتكار، فإن الاختبارات قبل السريرية في النماذج الحيوانية وجدت أنه بعد تناوله كان الأنسولين النانوي قادراً على التحكم في مستويات الجلوكوز في الدم دون نقص السكر فيه أو زيادة الوزن، ولم تكن هناك سمية أيضاً.
وقال: في حال نجاح دواء الأنسولين الفموي الذي من المقرر أن تبدأ التجارب البشرية له عام 2025، حسب تصريحات الفريق الطبي، فإن ذلك سيكون حدث القرن الـ21 ، كما كان الحال قبل 100 عام وتحديداً في 1921م، عندما بدأت قصة اكتشاف "الأنسولين" على يد البروفيسور فريدريك بانتنج؛ إذ نجح مع فريقه البحثي في استخلاص وتنقية الأنسولين لاستخدامه في علاج البشر، وفي 1981م تمّ إنتاج أول سلالة من الأنسولين (البشري) بوساطة تقنية الهندسة الوراثية، بينما في 1996م، تطورت صناعة عقار الأنسولين إلى إنتاج سلالات جديدة سُميت "نظائر الأنسولين"، سواء كانت سريعة المفعول (التي تحقن قبل تناول الوجبات)، أو طويلة المفعول (التي تحافظ على سكر الدم في المستويات الطبيعية) بين الوجبات وخلال فترة النوم.
وأكّد "الأغا"؛ أن العالم يشهد اليوم تطورات مذهلة في مجال داء السكري سواء التشخيصية أو العلاجية، كما أن ثورة التقنيات والتكنولوجيا التي شهدها مجال إدارة السكري، ساعدت المرضى كثيرا على التحكم في مرضهم والسيطرة على حالتهم، فمنذ اكتشاف الأنسولين واصل علماء الطب في نقل كل ما هو جديد لخدمة مرضى السكري والتخفيف من معاناتهم؛ للمحافظة على صحتهم من المضاعفات والمخاطر التي تترتب على داء السكري.