
بعد خبر تفردت به "سبق" عن دراسة علمية أجراها الفريق البحثي بمركز الغدد الصماء والسكر في جازان، والتي كشفت نتائجها عن وجود علاقة بين تعاطي القات ومرض السكري (النوع الثاني)، وقدرت الدراسة أنّ احتمالية حدوث المرض بين متعاطي نبات القات بثلاثة أضعاف عن غيرهم، كما أشارت نتائجها إلى أن تعاطي القات ليس له علاقة بانتظام مستوى سكر الدم بين مرضى السكري، ونشرت مجلة دولية متخصصة تلك الدراسة.
ولاقت الدراسة أصداء واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي من جميع فئات المجتمع بين مستغرب ومؤيد ومعارض للدراسة، مطالبين برابط ومرجع نشرها بمجلة محكمة. وخلاف ما هو معتقد بين بعض متعاطي القات من أن نبات القات له أثر إيجابي على تحسين سكر الدم بين مرضى السكري، فقد نفت نتائج الدراسة ذلك.
وتوضيحاً لنتائج الدراسة بعد نشرها في مجلة دولية متخصصة، فقد قُدّر معدل انتشار مرض السكري في جازان بنحو ١٧.٦٪ ما يدل على أن المرض في ازدياد مقارنة بدراسة سابقة قامت بها جامعة جازان في عام ٢٠١٥م، والتي قدّرت معدل انتشار مرض السكري في جازان بحوالي ١٢.٣٪؛ ما جعل الفريق البحثي يبادر بعمل دراسة تحليلية لمعرفة أسباب وعوامل خطر ازدياد المرض في مجتمع جازان للحد من انتشاره.
ووجدت الدراسة أن نسبة تعاطي نبات القات بين مرضى السكري حوالي ٢٩٪؛ مما جعل البعض يخلط بين معدل انتشار مرض السكري ونسبة تعاطي القات بين مرضى السكري في جازان.
وتحدث الإصابة بمرض السكري نتيجة لأسباب عدة وعوامل تختلف من مجتمع لآخر حسب العوامل الجينية والعرقية ونمط الحياة كالأكل والنشاط البدني إلى آخره. ولا زال البحث الطبي والعلم الحديث يكتشفان أسباباً أخرى جديدة تساهم في حدوث مرض السكري.
وقيّمت الدراسة عوامل عدة ارتبطت باحتمالية زيادة خطر الإصابة بمرض السكري النوع الثاني، حيث وجدت أن أهم تلك العوامل هي تاريخ العائلة الوراثي وإصابتهم بمرض السكري، السمنة البطنية أو ما تسمى بـ(الكرش)، وتعاطي نبات القات. وبعد التحليل العلمي الإحصائي لتقييم كل عامل، كانت السمنة البطنية من أكثر العوامل تأثيراً على احتمالية حصول المرض بـ (أربعة أضعاف) يليها القات بـ (ثلاثة أضعاف) ثم تاريخ العائلة الوراثي بـ (ضعفين).
كما أوضحت الدراسة أن تعاطي القات ليس له علاقة بانتظام مستوى سكر الدم بين مرضى السكري، وأن أكثر من ثلثي مرضى السكري (٧١٪) المتعاطين للقات كان سكر الدم (السكر التراكمي) لديهم غير منتظم حيث يعكس السكر التراكمي انتظام سكر الدم خلال الأشهر الماضية.
وتم مقارنة نتائج هذه الدراسة بنتائج دراسات عالمية أخرى وكانت النتائج متشابهة. ففي دراسة مختبرية بماليزيا، بيّنت نتائجها أن سمية مادة القات تعمل على تحطيم خلايا (البيتا) في البنكرياس مما يؤدي لحدوث مرض السكري وأن القات ليس له أثر على خفض مستوى سكر الدم. وفي دراسة أخرى تعتبر من أقوى أنواع الدراسات العلمية تسمى بـ "مراجعة منهجية وتحليل تلوي تجميعي" أشارت لها الدراسة الحالية، بيّنت نتائجها نفس نتائج الدراسة الحالية.
وأفاد قائد الفريق البحثي الدكتور محمد حيدر بديدي، استشاري الطب الوقائي وباحث متخصص ومهتم بالوقاية من أمراض السكري، في حديثه لـ "سبق"، بأنه تم نشر تلك الدراسة في مجلة دولية محكمة ذات عامل تأثر عالٍ، مشيراً إلى حصول الدراسة على موافقة من لجنة أخلاقيات البحوث بجازان للتأكد من سلامة الخطوات البحثية وحفاظاً على حقوق وخصوصية المرضى المشاركين في الدراسة بسرية تامة.
وأضاف: "حرصاً منا وبدورنا المهم في مجال التوعية والتثقيف الصحي، عمل مثل هذه الدراسات التي تخدم الصحة والمجتمع، وقد قمنا بعمل دراسات علمية أخرى عديدة تم نشرها في مجلات دولية محكمة، ولكن لأن نبات القات قضية مجتمع، فحاولنا إيصال رسالتنا من خلال هذه الدراسة وتقديم معلومات تثقيفية عن أضرار تعاطي نبات القات مبنية على برهان علمي وبطريقة بحثية علمية، فيضعف الجدل في ظل البرهان العلمي".
وأشار إلى أهمية عمل مركز أبحاث بـ"صحة جازان"، كما شكر "سبق" على مساهمتها في مجال التثقيف الصحي وإيصال رسالة هادفة تخدم صحة المجتمع.
وبدوره، أكد الدكتور عبد الرحمن حمدي، استشاري أمراض الباطنة والغدد الصماء، ومدير مركز الغدد الصماء والسكر بجازان، أن نتائج الدارسة الحالية كانت مشابهة لما توصلت إليه الدراسات العالمية الأخرى حتى الآن. مشدداً على أهمية التوعية والتثقيف الصحي عبر جميع القنوات لإيصال رسالة هادفة لصحة المجتمع.
رابط الدراسة: www.dovepress.com