علاقة المشابهة التي تجمع لفظتيْ الوحدة والتوحيد في الشكل والمضمون علاقةٌ محفزة؛ لسبر أغوارهما وكشف الاستحقاقات المترتبة عليهما؛ خاصة إذا تعلق الأمر بهذا الوطن المملكة العربية السعودية؛ فمصطلح الوحدة قديم قِدَم الإنسانية، ومنه وحدة الكون وما قيل في ذلك من حقائق وفرضيات. والثقافة الأرسطية القديمة تناولت الوحدة، وجعلت مشاركة مجتمع من البشرية في حدود المكان والتوجهات مفهوماً لها؛ ناهيك عن تأصيل الشرع الحنيف للوحدة في القرآن والسنة، في قوله تعالى: {واعتصموا بحبل الله}، وقول النبي الكريم: (يد الله مع الجماعة)، فضلاً عن أقوال السلف الصالح في فضيلة اجتماع الكلمة.
والمتأمل في مصطلح الوحدة يجد أن هذا اللفظ إذا ما أُطلق في وطننا العزيز؛ فإنه ينصرف مباشرةً نحو الوحدة الوطنية، وتحصين الوطن داخلياً ضد أي مطامع خارجية.. وما أحوجنا اليوم إلى ذلك في ظل تربص الأعداء بنا الدوائر؛ بيْد أن ما لمسه الوطن ويلمسه من نسيج هذا المجتمع المبارك فرادى ومجموعات من وقوفهم تحت أمر هذا الوطن، ورهن إشارة قادته في كل حالاته؛ لهو دليل واضح على السمو والوفاء. حالة الوفاء هذه تذكرني بقول الشاعر علي دغريري:
وطني ترابك في سواد نواظري كحلي* ومور العاصفات عبيري
أهواك ممطور الجهات ومجدبا* أهواك في الأرجاء لفح هجير
وهذه الوحدة الوطنية كانت من أسباب ومسببات توحيد المملكة ولمّ شتاتها على يد قائدها الهُمام الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه. وسار على نهجه من بعده قادة هذه البلاد الشامخة، وصولاً إلى عهد الحزم والعزم عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز، هذا الملك القدوة في حب هذا الوطن شيّد في قلوب شعبه قصوراً من الانتماء والحب لتراب هذا الكيان العظيم.
فبنفاذ بصيرة ملك الحزم والعزم، وبحنكة ولي عهده الأمين؛ استطاع الوطن تجاوز الصعاب، والوصول إلى مرافئ الأمان، يحوطهم شعب آمن بمقومات الوطنية الحقة، من سلامة المعتقد، وطاعة ولاة الأمر، وتقاسم الشراكة في الحفاظ على أمن ومكتسبات هذا الوطن، ونشر ثقافة التسامح وإشاعة المحبة؛ ليبادل قادة هذا الوطن الشعب حباً بحب، وعطاء بعطاء، بتأصيل مبدأ سياسة الباب المفتوح، وتوفير الحياة الاقتصادية الجيدة، والعمل على التنمية المستدامة، واستثمار الوطن في أفراده تعليماً وابتعاثاً؛ لنصل في النهاية إلى قطاف ثمرات هذه الوحدة الوطنية التي أدت إلى حماية الأمن القومي للوطن وتوطيد أركانه، وتقوية وشائج المجتمع من خلال العناية بالفرد؛ فضلاً عن إخافة وإغاظة العدو باجتماعنا، والقضاء على العصبية والعنصرية والطائفية.
وما دامت الوحدة الوطنية، من أعز مكتسبات هذا الوطن؛ فلا أغلى من المحافظة عليها وتعزيزها؛ لتحقيق مبتغانا من التطوير والتحديث؛ في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الطموح الأمير محمد بن سلمان آل سعود حفظهما الله.