من أشهر المصطلحات السياسية مصطلح "الحرب الباردة"، الذي كان يحاول تقديم وصف للحرب التنافسية بين قوى عظمى، كان بينها تنافس كبير في زمانها؛ إذ يطلق مصطلح الحرب الباردة على الصراع الذي كان بين أمريكا والاتحاد السوفييتي قبل انهيار الشيوعية، وقد استمر قرابة 44 عامًا. ولاحقًا استمر استخدام المصطلح لتوصيف أي حالة صراع لا تُستخدم فيها الأسلحة، وتكون قائمة على المنافسة والمكايدة، وغيرها من المفردات التي ألفناها في حياتنا الاجتماعية، وصارت - من غير رغبة منا - جزءًا من حياتنا اليومية.
المعارك الباردة قائمة في جُلّ علاقاتنا الاجتماعية والعملية، بل حتى في الشارع باستخدام الإضاءة أو "البواري".. فهي حرب قائمة على الضغط النفسي، واستفزاز الآخر، وليس فيها منتصر؛ لأن عمرها طويل، وفي الغالب بلا خسائر؛ فالأطراف تسقط وتُعاود النهوض بعد أن تستمد قوتها من ذاتها أو ممن حولها... إلخ.
كما أن الحروب الإعلامية واحدة من أشكال الحروب الباردة؛ ودراسة جدوى خوضها أمر مهم؛ فقد تكون شَرَكًا، سُحب المرء له، والعكس؛ والانخراط فيها قد يورد صاحبه المهالك بحبسه في حقل ألغام.
لذا اختيار الحروب التي سيخوضها المرء أفضل ما يمكن أن يقدمه المرء لذاته؛ إذ ليست كل حرب جديرة بخوضها، والعكس؛ فحساب الخسائر والمكاسب من كل حرب نخوضها أمر مهم، وقياسه سهل قبل البدء، ولاسيما في الحروب المستهلكة والمتكررة. وحساب المكاسب والخسائر يوفر كثيرًا من الوقت والجهد اللذين سيُصرَفان بلا طائل؛ لذا ثمة حروب أتفه من أن تُخاض، والكيس من أحسن اختيار حربه التي تليق به، ولا يمكن أن يسقط خلالها ليبحث عن قوَّته التي ستشكل جرعة يعاود معها النهوض.