تزخر "دارة الملك عبد العزيز" بمجموعة ضخمة من قواعد المعلومات المتعلقة بالمملكة العربية السعودية خاصة والجزيرة العربية والعالم العربي بصورة عامة، وفي إطار دور الدارة في جمع مصادر تاريخ المملكة وتوثيقها أظهرت دراسة تاريخية للدكتور عمر بن صالح بن سليمان العمري بعنوان "الملك عبدالعزيز والعمل الخيري" جوانب عدة من اهتمام الملك عبدالعزيز آل سعود - طيب الله ثراه - ببيوت الله عملاً بالهدي الرباني. وعلى رغم حرصه على عدم الإعلان عن مثل هذه الأبواب من الخير إلا أن المصادر التاريخية تحتفظ بالعديد من نماذج البذل التي قدمها الملك عبدالعزيز رحمه الله.
ومن النماذج التاريخية التي كانت شاهدة على ذلك الخطاب الذي أرسله إلى "عبدالرحمن بن زامل" رداً على خطابه الذي يطلب فيه المزيد من المساعدة لبناء المساجد في بلدته.
ولم تكن عناية "الملك عبد العزيز" بالمساجد قاصرة على المباني والتجهيزات في المساجد وما يتعلق بها فحسب؛ بل كان من عنايته - رحمه الله - بالمساجد وشؤونها الحرص على رعاية الأئمة والمؤذنين في تلك المساجد بتوفير الأعطيات لهم، وتأمين المساكن قدر الإمكان كيلا ينشغلوا بذلك عن تأدية المهمات العظيمة المنوطة بهم.
أولى "الملك عبد العزيز" ـ رحمه الله ـ الحرمين الشريفين عناية تامة، حيث أمر بإجراء الإصلاحات والترميمات اللازمة، وأصدر أمره إلى مدير الأوقاف الشيخ "محمد سعيد بالخير" بترخيم عموم المحراب الواقع في جدار المسجد وأرضه وأعمدته وإصلاح المماشي وحاشية المطاف وعموم الأبواب، وطلاء مقام إبراهيم الخليل عليه السلام بالدهان الأخضر، وكذلك الأساطين النحاسية الواقعة حوالي المطاف وغير ذلك من الإصلاحات اللازمة، حيث تمت هذه العمارة في عام 1344هـ.
وفي العام الذي يليه أمر "الملك عبد العزيز" بإنشاء سبيل ماء زمزم بثلاث نوافذ على ارتفاع قامة الواقف إلى صدره.
جانب مضيء آخر من عناية "الملك المؤسس" بالحرمين الشريفين، تمثل في أمره بتجهيز كسوة الكعبة المشرفة في مكة المكرمة ونتيجة للهمة العالية من الملك عبدالعزيز تم صنع الكسوة من الجوخ الأسود الفاخر مبطنة بالقلع القوي، وكتبت الآيات بالقصب الفضي المموهة بالذهب الوهاج، مع ستارة الباب ليصدر القرار بتأسيس أول دار لحياكة كسوة الكعبة.
في شعبان من عام 1347هـ أمر "الملك عبد العزيز" ـ رحمه الله ـ بتجديد الإضاءة في المسجد الحرام وزيادتها حتى بلغت ألف لمبة، ولم يحن شهر رمضان حتى صار المسجد الحرام مضاء كله بالكهرباء، وكانت الإضاءة تعتمد على آلتين، إحداهما كبيرة تستخدم في وقت الذروة، وأخرى صغيرة تستخدم في آخر الليل إلى قبيل الفجر، ومع ازدياد أعداد الحجاج أمر "المؤسس" بإضافة آلة ثالثة في عام 1349هـ مع إضافة المزيد من المصابيح لزيادة الإضاءة.
وامتدت عناية "الملك عبد العزيز" إلى المسجد النبوي الشريف، حيث تنوّعت رعايته للمسجد النبوي ما بين أعمال الترميم والصيانة وإيصال الخدمات والتوسعة.
وشهد "المسجد النبوي" إعادة الترميم والإعمار على نفقة "المؤسس"، حيث وجه بدراسة وضع المسجد النبوي ورفع تقرير مفصل عنه. وبعد الاطلاع على التقرير أصدر أمره بالمضي قدماً في المشروع الذي كان يتطلب هدم بعض المباني المجاورة للمسجد لضم المزيد من المساحات إليه، وأمر بنزع الملكيات وتعويض أصحابها، حيث شهد المسجد إعادة بناء 6247 متراً مربعاً جديداً ليصبح مسطحه الإجمالي بعد إعادة البناء والتوسعة الجديدة 16327 متراً مربعاً.