أكدت اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات أن ظاهرة تعاطي المخدرات وبقية المؤثرات العقلية هي ظاهرة سلوكية بشرية سلبية خطرة جدًا على الفرد والمجتمع والأسرة، ويقصد بها تعاطي بعض أفراد المجتمع مواد قابلة للإدمان مثل: (المخدرات والمسكرات والمستنشقات والمخدرات الطبية).
وفسر الأطباء أن السعي الإجباري للحصول على المخدر مع علم المتعاطي السابق بالمضار والعقوبة يحدث نتيجة لما أصيب به العقل من تغيرات حاسمة أثرت على وظائفه, وهذا ما يجعل العقل يصدر إشارات لا إرادية تدفع بالمتعاطي جبريًا للحصول على مخدر, كما تجعل الفرد في حالة التوتر والعصبية وعدم الاكتراث بأي شيء عدا الحصول على المخدر.
وتوصلت الأبحاث العالمية المتخصصة في مجال طب الإدمان وعلم السموم والأوبئة, وفي مجال الجريمة والانحراف, وفي مجال برامج مواجهة ظاهرة المخدرات, إلى نتائج وحقائق راسخة حول خطر تعاطي المؤثرات العقلية وأثرها على كل من الجهاز العصبي والعقل, وخطرها على التصرف والسلوك البشري والمحيط الأسري, كما توصلت الأبحاث إلى فهم علمي دقيق للمخاطر والعوامل التي تؤثر في تهيئة الفرد وتجعله منحرفًا لتعاطي المخدرات.
ومن أبرز المضار المترتبة على تعاطي المخدرات التي تلحق الفرد, الإصابة بمرض إدمان المخدرات, وأمراض نفسية شديدة الخطورة, وأمراض جسدية فادحة, وتغيرات سلوكية حادة مصحوبة باضطرابات عالية في المزاج, وتغير سمات الشخصية والتحول إلى الشخصية الاضطهادية الانفعالية والانعزالية, والوقوع في مشكلات حادة أسرية واقتصادية وتعليمية ومهنية وأمنية, وإهمال الواجبات الدينية والأسرية والمهنية, وعدم الرضا عن الذات, وانخفاض تقدير الذات.
وكشفت الدراسات الطبية الحديثة عن العوامل التي تساعد في حدوث الإدمان, حيث يُصاب غالبية من يتعاطون المخدرات ويستمرون على تعاطيها بمرض الإدمان نتيجة تعرضهم المكثف لمواد ذات تأثير على المخ وخلاياه الأمر الذي يجعلهم أكثر تكررًا لتعاطي المخدرات وذلك نتيجة تعاطي المخدرات في سن مبكر من العمر, إضافة إلى الانتظام على تعاطي المؤثرات العقلية, وكمية المواد التي يتم عاطيها ومدة التعاطي, والطريقة التي يتناولها المتعاطي المخدرات, والخلط بين أكثر من مادة, وعوامل بيولوجية وقابلية الإصابة بتغيرات جينية, وحساسية خلايا المخ ودرجة مقاومتها للاختراقات والتأثيرات الخارجية.
وبحسب نتائج الأبحاث الطبية التي توصلت لها المؤسسات المعنية بالصحة ودراسات أثر تعاطي المؤثرات العقلية بمختلف أنواعها على الصحة, فإن لتعاطي المؤثرات العقلية آثارًا خطيرة على الصحة الجسدية والنفسية والعقلية, ومن أبرز الآثار الصحية العامة التي تتسبب بحدوثها المؤثرات العقلية, اضطرابات في وظائف المخ التي تؤدي إلى الهيجان العصبي, والتوتر الانفعالي, والحساسية المفرطة, واضطراب الشعور, واختلاف الاتزان, وعدم انتظام في الحس العام والشعور العام, والاكتئاب, والشعور بالضيق, وتبلد الشعور والأحاسيس, وانخفاض نسبة الذكاء, والدوار والصداع المزمن, واختلال التوازن المستمر, واضطرابات في وظائف التنفس مثل التهاب الأغشية المخاطية المبطنة للجهاز التنفسي, إلى جانب تمدد وانفجار الحويصلات الهوائية, واختلال في عملية تبادل الأكسدة, واضطرابات في وظائف الهضم تؤدي إلى فقدان الشهية, وتليف الكبد, وضعف الهضم, واضطرابات في حركة الأمعاء, والإمساك المزمن, واضطرابات في وظائف القلب مثل ضيق الشرايين التاجية, وجلطات القلب, واضطرابات عامة مثل انخفاض حاد في القدرة الجنسية, وضعف عام مع قلة الحيوية والنشاط, والإصابة بمختلف أنواع الأمراض السرطانية.
وبخصوص الوقاية من تعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية؛ تُعدّ الوقاية من أهم العناصر الاستراتيجية لمكافحة المخدرات وتعاطي المؤثرات, إذ تركز غالبية الاستراتيجيات العالمية في مجال مكافحة المخدرات على منع عرض المخدرات من خلال التركيز على منع تهريب المخدرات, وصناعتها, وترويجها, وتبادلها, وسن الأنظمة والعقوبات وإيجاد الأجهزة الأمنية والرقابية الكافية والمدربة بشكل متقدم, إلى جانب منع الإقبال على تعاطي المخدرات عبر تصميم برامج الوقاية والتعليم الملائمة التي تنشر الوعي الكافي بخطر تعاطي المؤثرات العقلية وتزيد من معدل الإجراءات والسياسات التي تقي وتحمي الصغار والشباب من عوامل خطورة الإقبال على التعاطي, بالإضافة إلى خفض الضرر الصحي المرتبط بتعاطي المخدرات من خلال مساعدة المبتدئين في التعاطي على وقف تعاطي المؤثرات العقلية, وعلاج المدمنين ومنعهم من مواصلة التعاطي, ومعالجة الأمراض المصاحبة للتعاطي, وإعادة تأهيل المتعافين من تعاطي المخدرات وإعادة تأهيلهم الفكري والنفسي والمهني وتزويدهم بالمهارات اللازمة لمعاودة الاندماج في المجتمع والعودة إلى الإنتاجية والاعتماد على الذات في مواجهة ظروف الحياة بعيدًا عن تعاطي المخدرات.