توقع أستاذ علم البيئة الدكتور علي عشقي، تراجع وباء فيروس كورونا الجديد عن العالم هذه الأيام؛ خاصةً في المناطق الاستوائية وتحت الاستوائية، ويشمل ذلك جميع منطقة الشرق الأوسط؛ لافتًا إلى أن فيروس كورونا له سلالتان ينتمي إليها الفيروس، وهما الأكثر عداوة والأقل عداوة.
وقال "عشقي": "يعتقد الكثير أن سلالة Strain الفيروس الجديد Covid-19 التي تسببت في تفشي وباء كورونا في نهاية العام الماضي في مدينة يوهان الصينية؛ هي نفس السلالة التي تسببت في تفشي الوباء في مناطق العالم الآخر، نعم هي نفس النوع Species انبثقت منه أكثر من ثلاث سلالات، وهذه طبيعة تركيب المادة الوراثية التي تحتويها الفيروسات التاجية Coronaviruses؛ خاصة الأنواع "ألفا" و"بيتا" التي تعزى إليها أمراض الجهاز التنفسي".
وأضاف: "عزا العلماء نشوء هذه السلالات المنبثقة من فيروس كورونا المستجد، إلى حدوث طفرات Mutations في التركيب الوراثي للفيروس، وهذه الطفرات تحدث على نوعين: النوع الأول عبارة عن طفرات مفاجئة تحدث في المادة الوراثية Genetic Shift، والنوع الثاني طفرات تدريجية "Genetic Drift.
وتابع: "النوع الأول أي الطفرات الفجائية تحدث على طريقتين هما: الطريقة الأولى: عندما يتعرض الفيروس لإشعاعات نووية تؤثر على التسلسل الجينومي Genomic Sequences فيحدث تغير كبير في التركيب الوراثي يتحول فيه الفيروس إلى نوع جديد من الفيروسات لا يستطيع جهاز المناعة في الإنسان التعرف عليه فيتسبب ذلك بإصابة الإنسان بأمراض هذا الفيروس، وأعتقد أنه في الدورة الشمسية الباردة الحالية التي تعصف بالكرة الأرضية وانحسار الأنشطة الشمسية الذي أدى إلى انحسار الرياح الشمسية Solar Winds التي كانت تحمي الغلاف الجوي للكرة الأرضية من الرياح الكونية Cosmic Rays التي تتكون من مركبات تحت ذرية مثل البروتونات والنيترونات والإلكترونات والميونات، وأشعة ألفا وجاما وغيرها.. هذه المركبات تحت الذرية تسببت في تحول الغلاف الجوي إلى مفاعل نووي كبير، تسبب في الكثير من الطفرات للعديد من الحيوانات، مثل حشرة الصرصور التي انتشرت في مكة والمدينة، وأسراب الجراد التي لم نعهدها من قِبَل، والنمل الأسود الذي انتشر في الأردن، ثم فيروسات كورونا".
وأردف: "بينما الطريقة الثانية: عندما يتعرض الإنسان أو أي حيوان للإصابة بأكثر من فيروس واحد من الفيروسات التاجية؛ عندها يحدث اختلاط بين المادة الوراثية لهذه الفيروسات سواء كان عددها فيروسين أو أكثر.. اختلاط المادة الوراثية لهذه الفيروسات داخل خلايا العائل ينتج عنه فيروس جديد تركيبه الجيني الوراثي يختلف تمامًا عن الفيروسات التي انبثق عنها هذا الفيروس الجديد، كما حدث في الوباء الجديد "كوفد 19" حيث انتقل الفيروس من الخفاش إلى حيوان آكل النمل المدرع Pangolin ومن ثم الإنسان، أو كما حدث في وباء متلازمة الشرق الأوسط لالتهاب الجهاز التنفسي Middle east Respiratory Syndrome (MERC)؛ حيث انتقل الفيروس من الخفاش للجمال ومنها للإنسان، أو كما في وباء سارس المعروف باسم متلازمة التهاب الجهاز التنفسي الحادة.Acute Respiratory Syndrome (SARS) ".
وزاد: "النوع الثاني من التغير تدريجي في التركيب الوراثي Genetic Drift ويحدث في طفرات بسيطة ومتدرجة تحدث في التركيب الوراثي ينحم عنها سلالات عديدة من الفيروسات تتبع نفس نوع Species الفيروس، وهذا ما يحدث الآن من تنوع لسلالات وباء كورونا كوفد 19".
وقال "عشقي": "الكثير من المتابعين لوباء كورونا يعتقد أن سلالة الفيروس التي أصابت المدينة الصينية ووهان؛ هي نفس السلالة التي أصابت دول العالم الأخرى مثل إيطاليا وإيران وألمانيا وفرنسا وإسبانيا والولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية، وهذا كلام غير دقيق؛ نعم جميعها تنتمي لنوع species واحد؛ ولكن هذا النوع تفرعت منه العديد من السلالات فيما يُعرف بالانجراف أو التحور المتدرج في التركيب الوراثي Genetic drift؛ أي التغير في التسلسل الجيني Genomics Sequences، وهذا النوع من التغير في التركيب الوراثي يحدث بالتدريج في تركيب المادة الوراثية للفيروسات بوجه عام؛ بعكس التغير المفاجئ في المادة الوراثية".
وأضاف: "أوضحت الدراسات الصينية الحديثة التي قام بها خبراء علم الفيروسات الصينيين على فيروس كورونا الجديد؛ أن هناك سلالتان ينتمي إليها فيروس (كوفيد 19)؛ النوع الأول هو الأكثر عداوة وسُمِّيَّة تُمثِّل مجموع سلالته 70%، أما النوع الثاني الأقل عداوة فيمثل حوالى 30%، وتشير الأبحاث إلى أنه تم اكتشاف السلالة الأولى عند بداية تفشي الوباء في مدينة ووهان، ولاحظ هؤلاء الباحثون أن النسبة المئوية لانتشار الفيروسات العدوانية قد انخفض كثيرًا في شهر يناير؛ مما سهل التحكم في انتشار هذا الوباء، وقد فسر هؤلاء الخبراء التراجع في نسبة الفيروسات الأكثر عدائية إلى تغيرات وراثية أي طفرات وراثية في التسلسل الجينومي للفيروس؛ هذا التغير الجيني لم يتوافق مع الظروف البيئية المحيطة بالفيروس، فحدث انتقاء طبيعي Natural Selection فالبقاء دائمًا للأفضل".
وتابع: "من ألمانيا أوضح خبراء علم الفيروسات والعدوى أن فيروس كورونا كوفيد 19 قد تعرّض لثلاث طفرات وراثية، أدت وقللت من شراستها وعدوانيتها؛ وهذا ما يفسر تدني نسبة الوفيات في ألمانيا، ولكن حين انتقل هذا الفيروس من إقليم بافاريا إلى شمال إيطاليا؛ حدث له على الأقل طفرة جينية واحدة، أدت إلى زيادة عدوانية هذه الفيروسات بشكل كبير؛ مما يفسر نسبة ارتفاع نسبة الوفيات في إيطاليا".
واستطرد: "السلالة الفيروسية التي أصابت إيران لم تكن عدوانية مثل السلالة الإيطالية، ولو كان هناك نظام جيد للحماية لَما تفشى الوباء في إيران بهذه الصورة الشديدة في إيران وهذا الأمر ينطبق على العراق".
وأوضح: "أعتقد أن سلالة الفيروس (كوفيد 19) التي أصابت الولايات المتحدة الأمريكية كانت أكثر عدوانية من السلالة التي أصابت إيطاليا، لهذا أصبحت أمريكا اليوم من البؤرة الكبيرة في انتشار الفيروس كوفيد 19.. الوضع في أمريكا سيئ للغاية، وندعو الله أن تتغير سلالة هذه الفيروس في أمريكا لسلالة أكثر وداعة من السلالة الشرسة التي اجتاحت أمريكا".
وعن المملكة العربية السعودية، قال "عشقي": "أعتقد أنها سلالة من النوع غير الشرس نسبيًّا، وهذا نلاحظه من نسبية الوفيات في المملكة التي تكاد تكون معدومة تقريبًا، ولا شك أن الوعي لدى الشعب السعودي والخطة الاستراتيجية التي وضعتها وزارة الصحة لمكافحة هذا الفيروس كان لها تداعيات ممتازة في كبح جماح انتشار هذه الفيروس".
وختم تصريحه بقوله: "تعدد السلالات لهذا الفيروس اللعين، قد يكون بسبب النوع الجغرافي والمناخ في كل من الصين وأوروبا وأمريكا، وأنا متفائل إن شاء الله أنها كلها أيام وسيتراجع هذا الوباء عن العالم؛ خاصة في المناطق ذات العروض المنخفضة أي المناطق الاستوائية وتحت الاستوائية ويشمل ذلك جميع منطقة الشرق الأوسط".